|
في كتاب(*) للفلكي وعالم الرياضيات النمساوي جورج يواكيم ريتيكوس، وهو الذي سبق كوبيرنيكو في الاشارة الى دوران الارض حول الشمس، يوجد نص يشير فيه الى الشمس، ليست فقط على انها ربة الارباب وانما ايضا على انها تلعب دور القلب من الجسم، فتتحكم وتقود النجوم من مكانها ، كالملك الذي يقود رعيته بدون الحاجة الى الذهاب الى كل مدينة خاضعة له على حدى، ليقوم بواجبه تجاهها، من حيث ان القلب لايحتاج الذهاب الى القدمين او الرأس من اجل ابقاء الحياة فيهم. مركزية الشمس الكونية كان تعويذة عامة، لجميع المنجمين، على مدى العصور.
الاسبان كانوا يتهمون كهنة شعب الازيتيك بتقديم 50 الف قلب في السنة، كقرابين من اجل تجديد قوة حيوية الشمس التي يؤمنون انها تشكل قلب السماء.
الصليب المعقوف، هو شعار قديم للغاية يسبق النازيين الذين اعطوه سمعة سيئة، وفي معتقدات القدماء، يرمز للكثير من الاشياء إذ قد يعني طاقة الحياة، الولادة من جديد، الروح او الوحي و " الشعلة الداخلية". الهندوسية استخدمت الصليب المعقوف في الشكر منذ القديم. والبوذيين معروفين بإستخدام الصليب المعقوف ويسمونه " قلب بوذا". وفي العهد الجديد جرى استخدام تعبير nous ( العقل) للاشارة الى الشمس ايضا. في الواقع جرى العثور على جداريات في بريطانيا ايضا وعليها صلبان معقوفة تعود للعصر الروماني من القرن الرابع قبل الميلاد. إن استخدام الرومان للصليب ساعد على قبولهم له لاحقا، ولكنهم ايضا اعطوه سمعة سيئة، فالقيصر قنسطنطين وضع سيفا ورمحا مصالبة على اسوار اورشليم مذكرا بالجندي واعماله ورابطا لها بالصليب، الامر الذي حفز الكراهية لدى غير المسيحيين، لكل ماهو مرتبط بهذا الصليب تماما كما فعل النازيين لاحقا.
|
الامبراطور الروماني Septimus Severus رغب في توحيد شعوب الامبراطورية من خلال التشارك بإله مشترك هو الأله الشمس Sol Invictus كإله مركزي، يضيئ فوق كل الامبراطورية. ومع ذلك، تبقى جميع الشعوب تمتلك ايضا آلهتها الخاصة، فجميع الآلهة يبقى الاعتراف بها طالما ان اتباعها يعترفون بالشمس إلها مركزيا. هذا التسامح النبيل جرى انتهاكه فقط مع قدوم الاديان التوحيدية.
الصليب رمز الشمس
|
في الهندوسية يطلق على الاضلاع الاربعة للصليب اسم Vishnu فيشنو، وهو اعلى إله في عصر Vedic ليتحول لاحقا الى " الحافظ" في الثالوث الهندوسي. كان دور فيشنو المحافظة على النظام والتوازن والارتباط في مجمل منظومة الخلق الكونية ( التي تقوم على الفيض). هذا الرمز الغامض انتقل الى بقية الاديان، مع بعض التغييرات في مظهره، فهو الصليب الفرعوني والتاو الصيني وصليب الحركة الفلسفية Rosicrucians والصليب المسيحي.
المخلوقات تحتاج على الدوام تحقيق التوازن في الصراع بين قوتين متناقضيتن: النفور والانجذاب، والتي تتفاعل في عملية من التغييرات تعكس قطبية الطبيعة. الحركة المتذبذبة للصليب في دورانه يرمز للتضاد بين قوى التطور الايجابية وقوى المحافظة السلبية التي تعطي الحاجة للتكوينات/ فتصبح معقوفة او منحنية. في معابد شيفا Siva على كامل اراضي الهند نجد الصلبان المعقوفة بزاوية قائمة على الدوام حولنا، والتي تشير الى التحول والتطور، وهو الطيف الذي تعلمنا اياه فلسفة الرب شيفا.
|
العروس الالهية Agni والتي اصبحت في اللاتينية Ignis ولدت من التحام النار الطيبة وآراني خلال طقوس تقديم القرابين. جميع انواع الصلبان، التي ترمز للطاقة والنور والعلاقة الكونية في حركتها الديناميكية المستمرة، حياتها وموتها وعودتها الى الحياة، تسمى swastika
لبوذا توجد العديد من التماثيل في المعابد تمثله وهو جالس تحت شجرة متصالبة، وترمز لشجرة الحياة. في تصوير اخر نجده يجلس على ملكة جنس الافاعي Naga the Raja of Serpents مع صليب على صدرها. على جلدة كتاب The Migration of Symbols نجد صورة للاله ابوللو من على مزهرية، ( موجودة في متحف فيينا) ونرى على صدر ابوللو صليب كبير. بمعنى اخر، الاغريق، تماما مثل البراهما الهنود، يعتبرون رب الشمس ابوللو منظم ومتحكم بالانسجام في الزوايا الاربعة في الكونية الاربعة. ابوللو كصليب معقوف يفسر لنا كيف اصبح الروح القدس، صليبا معقوفا، في محفل آراس الفرنسي French diocèse Arras.
الصليب المعقوف في المفهوم الهندي، يرمز للتطور والانكفاء، من حيث ان العقيدة الهندوسية تؤمن بالموت والولادة المستمرة، هذا ينطبق على الكون ايضا. الفترة مابين الموت والولادة الجديدة يطلق عليها Pralaya وهي فترة الاستراحة بين المرحلتين. مرحلة الولادة تسمى Manvantara وكلا المرحلتين مع بعض تسمى Kalpa, وتعني دورة الخلق. مرحلة الخلق توصف بانها عملية شهيق براهما، في حين ان عملية الموت هي زفيره، والكون المرئي، جزئيا، بسبب هذه السلسلة اللامنتهية والمتواترة من الحركة الخفيفة، تجعله يخرج الى النور مع الشهيق ويعود الى الظلام مع الزفير. هذه الحركات الصغيرة والمتواترة ستبقى الى الابد في سلسلة لاتنتهي.
|
في كتاب Mahayana يوجد نص بعنوان " زهرة حلية الكتاب المقدس" تتضمن نقاشات عن عوالم لانهاية لها وانظمة متعددة ومحدودية علم الانسان. في قسم بعنوان " مالايخطر ببال" يقدم لنا مجموعة من الحسابات والارقام تنتهي بتعابير مثل " مالانهاية" و"ارقام لم نسمع مثيلا لها " و " مالايحيطه العقل" و " لاشبيه له". اكبر الارقام المعروضة هي " مربع اللانهاية" والتي تشير الى " اللانهابة مضروب بنفسه". ذلك يعني، حسب الكتاب، انه إذا قلصنا العوالم الى ذرات، وكل ذرة تحتوي على عدد لانهاية له من العوالم، فإن عدد العوالم ، يبقى على الرغم من ذلك، بلانهاية (**). (راجع ايضا فندق هيلبرت، لتوضيح الفكرة)
|
في اللغة الهيروغليفية يستخدم المصريون الرمز Ankh وهو صليب ولكن ضلعه الاعلى عبارة عن حلقة. هذا الشكل يرمز للحياة الابدية، والاتحاد الجنسي والولادة في سلسلة لاتنتهي، الحياة قبل الموت وبعد الموت. هذا الرمز يوضع على جثمان الفرعون كعلامة لبقاءه الابدي، كما يحمله الاله آتوم (الرب الشمس)، ويشار اليه على انه مفتاح النيل. الكنيسة القبطية اقتبست الرمز كشكل من اشكال الصليب. هذه المواصفات التي يتضمنها هي مواصفات كانت تحملها الربة فينوس، وعشتار وافروديت وعشيرة ومن رؤية الرموز التي كانت ترمز لهذه الالهة يمكن لنا ان نرى العلاقة الطاقوية بينهما.
|
|
|
|
هيروغليفي، الحياة الابدية | نجمة فينوس | رمز عشتار | رمز افروديت |
وفي معتقدات الامازيغ يعتقد د. ثور هايردال ان الاهرام الكنارية قد شيدت لعبادة الشمس وان هذه العبادة قد نقلها عبدة الشمس الامازيغ، الى القارة الامريكية، عبر جزر الكناري، حيث توجد آثار عبادة الربة الشمس.
عبد الغوانش إلهًا يسمى "أشمان"، وكانوا يقدمون له الأضحية والخمور تقربا إليه، وكان تجسيده يشبه الشمس. وفي لاس بالماس أحد جزر الكناري عبد الغوانش إلها شمسيا وكانوا يسمونه "ماجك" و"آمن" وهو اسم قد يعني "الرب"، ففي إحدى لهجات الطوارق تشير كلمة "امناي" إلى اسم الله.
كان الأمازيغ يعبدون الشمس وهي تغرب وهو ما كان متجسدا في الآلهة آمون والممثل بقرني الكبش.
|
تماما كما حدث مع جسم الانسان، قسم الحكماء القدماء قرص الشمس الى ثلاثة اقسام، اطلقوا عليهم الانوار الثلاثة، وكل منهم يعادل مثيل له في جسم الانسان. الاول هو روح الشمس، والثاني عقل الشمس والاخير جسدها، والان يرمز لها في الماسونية Freemasonry بالشموع الثلاثة. ويفهم منها ان روح الشمس تتجسد لنا في قوة الرب، الاب، والعقلية في الابن، والجسد هي وعاء الروح القدس. ذلك يتوافق مع اقسام الانسان المقسومة طبيعيا الى ثلاثة اقسام: الجسد، والروح والنفس. والاخير يتوحد مع الاشعة القادمة من كلمة الحق والرحمة في الابن.
في كتاب كوبيرنيكوس يقول:" في مركز الكون تجلس الشمس. ... Trismegistus يطلق عليها الرب المنظور، وسوفكليس يطلق عليها اليكترا، التي تحدق في كل شئ، في حين ان الشمس التي وكانها تستريح على عرش ملكها، تتحكم بعائلة من النجوم، (مثل زيوس)، تدور حولها". (De revol. Bk. I, 10) . يقول اينشتاين:" الفنتازيا اهم من العلم. لان العلم محدود الى مانعلمه الان ونفهمه، في حين ان الفنتازيا تحوي الكون برمته، وكل شئ سنتوصل يوما الى معرفته وإدراكه".
|
في معبد الاله الشمس Shamash البابلي توجد جدارية ضخمة يظهر فيها الرب الى جانب صليب بأربعة اذرع ، تتجه الى الاتجاهات الاربعة، ويحوطها قرص الشمس. وفي الصدارة يجلس الاب، وتحت اقدامه يقف ابنائه الآلهة الثلاثة. ويشار الى الالهة السومريين الاوائل على انهم الاب ، المصدر، وابنائه الثلاثة. ولاحقا كان على الدوام مجلس الالهة يتألف من ثلاث: الاب والام والابن. وقد رمز السومريين للاله الشمس بنجمة يخرج عنها عدة اذرع تصل الى الثمانية معتبرين ان الشمس هي ربة السماء. ويرمزون له بالوردة ذات الثمانية اوراق، وهي ذات الوردة التي نجدها منتشرة اليوم في زخرفة الكثير من المساجد الاسلامية.
|
في التوراة نجد ان شعب الله المختار عاد سريعا الى عبادة رب الاجداد، الشمس، بعل، وبنى له تمثال برمزه البقرة. يقول:
2مل-17-10
: وَأَقَامُوا لأَنْفُسِهِمْ أَنْصَاباً وَتَمَاثِيلَ لِعَشْتَارُوثَ عَلَى كُلِّ تَلٍّ مُرْتَفِعٍ، وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ،
2ملوك-17-16:
وَنَبَذُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلَهِهِمْ، وَصَنَعُوا لأَنْفُسِهِمْ عِجْلَيْنِ مَسْبُوكَيْنِ، وَأَقَامُوا تَمَاثِيلَ لِعَشْتَارُوثَ وَسَجَدُوا لِجَمِيعِ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ وَعَبَدُوا الْبَعْلَ.
|
حاشية اولى
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النور35)
(*) Narratio prima (p. 465,12; 462,22,35), von Lauchen (Georg Joachim Rheticus)
(**)( His Holiness Dalai Lama The Universe in a Single Atom. The Convergence of Science and Spirituality.Morgan Road Book. New York 2005)
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النور35)
(*) Narratio prima (p. 465,12; 462,22,35), von Lauchen (Georg Joachim Rheticus)
(**)( His Holiness Dalai Lama The Universe in a Single Atom. The Convergence of Science and Spirituality.Morgan Road Book. New York 2005)