التأثير المرضي للدين



تجربة
حسب الدكتورة مارنيل وينير Dr. Marlene Winell فإن التلقين الدوجمائي الديني يمكن ان يكون ضار للغاية، وترك الدين قد يسبب صدمة نفسية، والانهيارات العصبية بسبب نوازع دينية يمكن ان تتطلب علاج طويل المدى. ان الدوجما الدينية الملقمة منذ الصغر يمكن ان تشكل ضغطا نفسيا يبقى تأثيره سنوات حتى بعد ترك الدين. الاعراض الناشئة لهذه الاسباب اطلقت عليها Religious Trauma Syndrome or RTS.

انتبهت الدكتورة الى هذه المشكلة عندما كتبت كتابها الاول: ترك القطيع، خارطة طريق للاصوليين السابقين. Leaving the Fold: A Guide for Former Fundamentalists, والذي ليس فقط للاصوليين ولكن لكل من يناضل لترك الدين. الدكتورة وينيل اشتغلت عشرين عاما بالقضايا الاستشارية المتعلقة بالتخلي عن الدين، جزئيا او كليا.

غير انه توجد مصاعب في معالجة تأثيرات الدوجما الدينية النفسية. في الوقت الحالي يبدو ان مسائل المفاهيم المسمومة وسوء استخدام الدين انتهكت حرمة الدين وحصانته.
اجبار الطفل على الذهاب الى الجامع او الكنيسة لايظهر انه جريمة. غير ان الضرر الحقيقي يتجلى عندما ينضم الطفل لاحقا الى جماعات متطرفة او مغلقة تملك مفاهيمها وطقوسها الخاصة، بما فيها طقوس التحفيز على الانتهاكات.
المؤسسات الدينية تملك مصلحة في منع النقد واعطاء تصورات وكأن كل الامور بخير، في حين ان السيطرة على الارادة والاعتداءات العاطفية هي في الواقع قيم شائعة في ممارسة المتنفذين من اتباع الاديان الرئيسية. وفي المجتمعات الكبيرة حيث يجري تطبيع الممارسات يتم إسكات الضحايا.
غالبية الاشخاص المصابين بعوارض الامراض الدينية تخاف من علم النفس على انه دنيوي وبالتالي شر. الاكتئاب والقلق على قاعدة الدين، والامراض النفسية الاخرى ينظر اليها على انها عقوبة على الخطايا بحق الله.

حتى الان لايوجد هناك تشخيص رسمي للحالات التي يعاني منها هؤلاء غير ان الدكتورة وينيل تعمل بنشاط لتحقيق الاعتراف بتشخيصها ليتمكن بقية الاطباء من مساعدة المصابين، من حيث ان موجة ترك الاديان التقليدية اصبحت واسعة.

Religious Trauma Syndrome or RTS:
هي المعاناة النفسية التي يعايشها الانسان عند قراره بترك سيطرة شخص (رئيس طائفة دينية) او دوجما دينية والعمل على معالجة الاضرار النفسية لهذا الخروج. هؤلاء الناس يمكن ان يتحطم عالمهم الشخصي والمعاني التي كانوا يعايشونها على انها قيمة حياتهم او الايمان بشخص او رموز وتصورات كانت عزيزة الى حد الخضوع والانتقال من مجتمع ونمط حياة ممتلئ بالوصاية الى مجتمع يمتلك فيه المرء القرار. هذه الاعراض تشابه وتماثل اعراض post-traumatic stress disorder, PTSD, الذي يتميز بالوسواس القهري والعواطف السلبية وضعف الاداء الاجتماعي.

ووفقا للدكتورة وينيل تكون الصدمة ذو شقين: اولا، التعاليم والتطبيقات يمكن ان تكون قاتلة عاطفيا وروحيا وتسبب ، للفرد، اضرار عقلية ونفسية تبقى طيلة الحياة. في الكثير من الحالات تتفاقم الامور بالاعتداء الجنسي او ذو الصبغة الجنسية، ويرجع ذلك الى طبيعة البيئة البطارياركية الابوية.

ثانيا، المغادرين للحقل الديني يتعرضون الى الضغوطات مضاعفا، إذ يكافحون ضغوطات متتالية من جميع الجهات والاطراف. وعادة مايتتضمن ذلك خسارة دعم اجتماعي مفاجئ في الوقت الذي يقف فيه المرء امام إعادة بناء حياة جديدة. عادة المغادرون، للجماعة او الدين، غير مهيؤون للتعامل مع هذه الضغوطات إذ جرى تربيتهم في بيئة الخوف ومهاراتهم في التفكير المستقل والاعتماد على الذات متخلفة، فالايمان لايقوم على القدرة على التفكير المستقل.

والمصابين يملكون اربعة اختلالات رئيسية:
خلل معرفي، Cognitive:
صعوبة في إتخاذ القرار والتفكير النقدي، والتفكك وإرتباك الهوية.
خلل وجداني، Affective:
معاناة من القلق والخوف والتفكير في الانتحار والغضب والحزن والشعور بالذنب والشعور بالوحدة وإفتقاد المعنى.
خلل وظيفي، Functional:
اضطراب النوم والاكل ورؤية كوابيس والعجز الجنسي واستخدام المهدئات.
خلل اجتماعي ثقافي، Social/cultural:
تمزق شبكة الاسرة والقضايا الاجتماعية والعمل وضغوط مالية ومشاكل في إعادة التلائم، وعدم ثقة بالنفس.

شدة الامور تعتمد على الكثير من العوامل، ولكن الجماعة الاكثر تعرضا للخطر هي التي تترك الدين، وتضطر لمغادرة عالمها، وتملك عواطف باقية في الدين، وتنحدر من جماعة دينية شديدة السيطرة.
تفهم معاناة شخص ترك الدين مسألة اخرى تعتمد على نوع الابوية المسيطرة. بسبب الطبيعة الاستبدادية لبعض الطوائف الدينية ستطور مشاكل نفسية طويلة وعميقة قبل ان يتمكن الشخص المعاني من التخلص من قبضة وسيطرة النظام التعسفي.. إنها صدمة ممتلئة بتقارير الرعب والارهاب والعجز: إرهاب الجحيم، وإرهاب المجتمع وإرهاب الموت وإرهاب الوحدة والعجز.

قوانين الدين وقواعده تقوم على اشاعة الخوف وغرسه وترسيخه في النفس منذ الطفولة، خصوصا إذا حتم سوء حظ المرء أن يولد في عائلة دينية او دولة دينية، حيث التلويح بسوط جهنم والشياطين واللعنات الالهية التي لاتنقطع لمن لايؤمن، مسألة ممنهجة. حسب الدكتور اندي طومسون Dr. Andy Thompson, هذه أحدى الطرق ان يقوم الدين بأختطاف مرحلة الطفولة مما يؤدي الى اعراض نفسية، حسب المطروح اعلاه، عند محاولة الخروج منه في مرحلة البلوغ، واحد نماذج هذا الخوف هو "نشوة اللاهوت". fear concerns Rapture theology, حيث في النهاية يتحول الانسان الى رجل دين او مصلح او كاهن او نبي، في سعيه للوصول الى المثالية لتفادي الرعب.

ان يصاب المرء بالهلوسة في سعيه لتفادي الذنب، وليصل الى المستوى المثالي في سعيه ليحقق تمنيات مربيه ووصاياهم، إعتقادا منهم انهم يحموه، هي الجزء الاكثر اثارة في هذه الدراما. مثل هذه التربية، تخلق خوفا من ان لايصل المعاني الى الجنة مع بقية افراد العائلة، فتنشأ اضطرابات نفسية وتخلف عقلي. الاطفال يتعلمون منذ الصغر، انه عليهم الايمان انهم مهددين على الدوام بالسقوط في جهنم الى الابد ولن يروا عائلتهم مرة اخرى ابدا. تعليم هذا الامر في مرحلة مبكرة هو حجر الاساس لافقادهم قدرتهم على الاختيار والسيطرة عليهم للابد.

والاباء المتدينين وكبار السن يعلمون الاطفال ان العالم الواقعي هو عالم سئ تقوده الشياطين والاشرار. بنتيجة ذلك المؤمن لايشعر بنفسه مطمئن في هذا العالم، إذ انه عالم فاني، عالم التجربة، عالم خاطئ، تسيره الشياطين حتى يأتي المسيح او المهدي المنتظر، ليعيد الامور الى نصابها. وحتى ذلك الوقت فالعالم معركة حرب مع الشر ويجب ان نكون حذرين على الدوام من كل شئ ليس على الدين الصحيح.
لذلك، فالذي يرضى عنه الله هو الذي يفقهه في دينه، ومن يخرج عن تعاليم الشريعة يكون خضع لوسوسة من الشيطان. والماسك دينه كالماسك جمرة، ومن يرضى عنه الله يفتح قلبه للايمان، واما البقية فغضب الله عليهم ولهم بئس المصير.

من الطبيعي ان يعتبر المرء نفسه شخصا صالحا يستحق الحب وعاقل بقدر يدعو للافتخار. غير ان الحب والتفاخر احد الموبقات في الاسلام، إذا لم تكن موجهة الى الله. بل وفي الدين مصدر الخير هو الله، في حين الانسان و الشيطان مصدرا الشر. وبشكل عام، تملك جميع الاديان نصوص تتناول المشكلة بطرق مختلفة، ولكن المبدأ واحد لدى الجميع. كل هذه الضغوطات تؤدي الى اضرار نفسية عميقة عند مغادرة الدين.
المتدين لايمكن ان يصل الى مستوى مرضي على الاطلاق، لذلك فهو على الدوام في حالة شك فيما إذا كان سلوكه صحيح او انه غير كافي. إنه يعيش ، ضميريا، في دورة من الخطيئة تتبع بطلب الصفح والغفران، وتوازيها دورة الاتهامات والشك والتعنيف والمراقبة، التي يخضع لها في البيت والمدرسة والشارع، منتهكة بذلك فرديته وسكونه الروحي. عندما يقول المؤمنين انهم يملكون " علاقة شخصية" مع الاله فهم يعنون قبول التسييد و الخضوع التام، وهم على قناعة كاملة ان عليهم ان يكونوا شاكرين لهذا النوع من الحب. تماما كالزوج المستبد، يملك هذا الاله قوة وصلاحيات مطلقة وكالذكر كلمته هي القانون. التوبة تعطي التابع الصادق، إستراحة من القلق مؤقتة ولربما فترة من المشاعر الايجابية. هذا التأثير يكفي للمحافظة على دورة من سوء المعاملة يتبعها فترة من الصفح. تماما كالزوجة المخلصة، كلما زاد ايمانها كلما كان الضرر اكبر.

التدريس الديني يؤدي ايضا الى تنمية قزمية للقدرات العقلية والتحليل المنطقي، لكون البحث في السبب في عداوة مع الايمان. على العموم وقف رجال الدين على الدوام ضد الفلسفة، فمن تفلسف تزندق (ابن تيمية كتاب الفتاوي). ان الذي يؤمن لايملك الحق بنقد المعرفة الدينية ووضعها تحت التمحيص. مثل هذا التصرف يعتبر خطيئة يجب التكفير عنها.
كل ذلك تعبير واضح عن سوء استخدام السلطة والوصاية والتحكم كما انه محاولة للتغطية على عدم علمية الاساطير المقدسة، وهو الامر الذي تناوله الجزء الاخير من القسم الثاني من مقالات الدكتورة.

تقول الدكتورة وينيل:" والى هذه الاطياف اللاهوتية السامة يمكن ان نضيف الممارسة الضارة التي تجري داخل العوائل المتدينة والكنائس والجماعات الدينية. اضرار من العنف الفيزيائي والجنسي والروحي تحدث في العائلة وفرصة التدريس الديني والتجمعات الدينية، لكون ليس بالامكان مراقبة تسلطهم، ولوجود آلية للحفاظ على السرية والتهرب من المرافبة. والقمع والفرض الجنسي السائد في الاديان يشارك ايضا في خلق بيئة الانتهاك ضد الاطفال. وهيكلية السلطة والعقاب الابوي يسمح بالممارسات التعسفية ضد النساء والاطفال ويحفزها. إن ممارسة الادانات والوصاية على السلوك العاطفي والجنسي تخلق اعباء نفسية هائلة تؤدي الى الانتحار".

وتشير الدكتورة وينيل الى اجوبة لاحدى مريضاتها، التي تعاني من اعراض الصدمة الدينية، إذ كانت في صغرها تحت رعاية جهات دينية ، تقول:" كانت لدي الكثير من المشاعر المكبوتة وافكار لم يجري قبولها ابدا. وعوضا عن ان يحموني من رجل كريه اجبروني على انكار مشاعري وعلى طاعته، مهما كانت رغباته. ليس غريب انه تطورت لدي اعراض رفض الطعام المرضي".

مرض الصدمة الدينية له جانبين، الاول إدمان على سوء استخدام الدين بطريقة ضارة، والثاني محاولة قطع الاتصال مع الايمان والمجتمع الديني. وترك الدين، يعني في المضمون، موت حياة سابقة وقيام حياة جديدة بما يتضمن ذلك من ضرورة لفترة من العزاء والتعزي، حتى بدون الاصابة بمرض الصدمة الدينية.

ماذا يعني ترك الدين؟
حسب الدكتورة وينيل، التخلي عن الدين يعني التخلي عن دعم الشبكة الاجتماعية من اصدقاء وعلاقات وتغير الاتجاه ومعنى الحياة والرضى العاطفي والروحي، وهو الامر الذي يصنفه البسيكولوجيين Axis IV of the DSM, مما يعني مشاكل بيئية وبسيكولوجية اجتماعية.
بالنسبة للبعض، حسب شخصيتهم والتفاصيل في ماضيهم الديني، يمكن ان يكفي التخلي عن حضور الصلاة الجماعية والتوقف عن التعاطي مع الجماعات الدينية والاهتمام بالحياة، ولكن بالنسبة للكثيرين ترك الدين سيسبب اكتئاب وقلق وخوف عدا عن تعرض للابتزاز والاستفزاز.

عادة يغير البشر مواقفهم الفكرية من الاعتقاد، ولكن مشاعرهم تبقى خارج التحكم، وتتغير ببطء، ولكن بصعوبة، على الاغلب، بسبب اختلاف آلية عمل كل منهما وتعقيد ديناميكية العلاقة بين النضوج الفكري والنضوج العاطفي.
ذلك يوضح الرعب والخوف من العقوبات الرهيبة التي تحملها غالبية الاديان لاتباعها، خصوصا لمن يفكر بالتخلص من الدين في مرحلة عمرية مبكرة. بعد ترك الدين، يمكن للتارك ان يعاني من عقدة الخوف من تهديدات الترك، إضافة الى وقوعه تحت رحمة إرهاب مراقبة بيئته المتدينة.

التعهدات التي يقدمها المؤمن بالخضوع والانصياع كبيرة وطاغية للغاية، والتهديدات التي يلوح بها لشل إرادته الحرة وإرهابه، في الدنيا والاخرة، لاحدود لعنفها وهمجيتها. السيطرة الدينية تسعى لتمويه وتزوير صورة العالم بحيث يؤمن المرء ان الصورة التي يقدمها الدين هي الصورة الحقيقية والوحيدة الممكنة. كل شئ خارج الصورة الدينية يعتبر خاطئ في احسن الاحوال ومن الشيطان او محاولة لتضليل المؤمن عن الصراط المستقيم في اسوء الاحوال. بذلك يبني الدين سورا حديدا حول وعي المؤمن، وترك هذه البيئة المحمية يحتاج الى تحطيم الفقاعة الهوائية، مما سيعني ان كل فكرة كان يعتقد المرء بصحتها اصبحت موضع شك وإعادة تقييم.

تحطيم الاطار الافتراضي
مبدأ تحطيم الاطار الافتراضي، لصاحبه Kauffman, J. (راجع المصادر ادناه) والذي يستخدم لتفهم الخسائر التي تسببها الصدمات النفسية، كما يحدث مثلا في الحب، يستخدم ايضا هنا من قبل الباحثة. حسب الدكتور Beder, J (تفصيل المصدر في الاسفل) " مسلمات مفاهيمنا حول العالم تبنى على الاعتقاد او الافتراض مثل ان الارض ثابتة ومستقرة. هذه المسلمات هي اكثر القناعات الراسخة التي نملكها. عندما يتعلق الامر بالموت والصدمة نجدها اعتقادات محطمة ومربكة وتثير الذعر إذا اصابت المتضررين. أكثر الصدمات تحفيزا للاختلالات هي الصدمات التي يسببها البشر ومنها العنف والانكسار. (DePrince and Freyd, 2002)
على اساس هذه الصدمات هناك ثلاث عوالم إعتقادية تتحطم: الاول ان العالم خير، والثاني ان الحياة لها قيمة والثالث ان المؤمن صالح. واحيانا هناك رابع يقول ان المؤمن اخو المؤمن. هذه الصورة هي التي يقدمها رجال الايمان عن عالمهم، الذي يرعوه. الصورة الدينية عن عالمهم تملك تناقضها الداخلي، حيث المرء صالح ومصدر الشر في آن واحد، ولكنها تلعب دور هام في الطقوس الروحية.

عندما يطلع المؤمن على معلومات عن مصادر ميثيالوجيته الدينية التاريخية، مثلا، يمكن ان يترتب على ذلك صدمة عنيفة. وإذا اضفنا الى ذلك الرغبة للخروج الى الحياة في العالم الواقعي بعد ان كان يعيش في جنته الداخلية المحمية، يمكن ايضا ان يتسبب ذلك في صدمة نفسية لبعض الافراد.

معايشة الصدمة تؤدي الى تحطم العوالم الاعتقادية ومسلماتها، في حين ان الشك بالدين يؤدي الى الصدمة. والمعالجة من الصدمة يعني إحلال مسلمات جديدة مكان المسلمات القديمة او تحديثها ومزجها. ويجب الملاحظة ان الصدمة لديها خصائص وجدانية ومعرفية.
ان التخلي عن الدين، الذي يحتوي على كمية كبيرة من الاعتقادات والمسلمات، تعتبرها الجماعة حقيقة مطلقة، يوضح لنا اسباب شدة الصدمة. رفض هذه الحزمة من الاعتقادات، التي تشكل موروث ثقافي مشترك للجماعة، سيسبب اضطراب كبير يخلخل العلاقة مع الجماعة ويحمل في طياته خطر العزل الاجتماعي. لذلك من المحتمل الاصابة بالذعر من البقاء عاريا بدون حماية. بذلك يمكن مقارنة الامر بما يواجهه الانسان عند وفاة احد الاعزاء عليه او بالطلاق.

ان يتعرض المرء لهذه الممارسات من مجتمعه يمكن ان يؤدي الى نشوء مشاعر الاحباط والغضب والقرف. هذا الخروج عن الجماعة يمكن ان يكون بسبب انتهاكات جنسية، ولذلك يمكن للفرد ان يشعر ان الجماعة قامت بخيانته وباعته رخيصا، عوضا عن ان تحميه في مجتمعها المثالي. كما ان الشعور بالغضب يمكن ان يكون بسبب التعرض للضرب من الكبار، او بسبب تعذيب نفسي على قاعدة الدوجما الدينية تسلب المرء طفولته، وعلى الاخص مع النساء.

والاطفال، عادة لايستطيعون الهروب من عمليات الانتهاك التي يتعرضون لها، لتتحول فيما بعد الى امراض نفسية وعقلية. والخروج من الدين هي احدى الطرق للهروب من التعذيب النفسي والفيزيائي، ومحاولة الشفاء بعيدا عن مايذكر بالانتهاكات. غير ان هذا المرض يبقى بعيدا عن الملاحظة، لان الجناة يقومون عادة بملاحقة وتعذيب ضحاياهم وابتزازهم وتحميلهم المسؤولية، بحيث انهم في احسن الاحوال سيكتفون لو جرى تركهم بسلام.

من يترك الدين يتعرض للملاحقة من اهله والجماعة وتبدأ حملة ارهاب واسعة النطاق بما فيه من المؤسسة الدينية في محاولة لارجاعه الى تحت ولاية مغتصبه. معاناة الخارج عن الدين لايراها كهنة المجتمع. والواقع يقول انهم يصبحون معزولين معاقبين من المجتمع اذا رفضوا العودة، وفي المجتمعات الدينية يمكن ان يقام عليهم الحد او يجري ابتزازهم بإقامة الحد، ليضيفوا المزيد من العذاب الى صدمتهم.

الدين يملك سيطرة كاملة على المجتمعات في كل مكان. الكنائس والجوامع توجد في كل زاوية، والجماعات الدينية تنشط في كل مكان وتراقب جميع الاحياء. اي انحراف عن الخط العام للمظاهر الدينية يجازف المرء بتحمل تبعات خطيرة بسببها. ان ينحرف المرء عن قيم قانونية ينظر اليه المجتمع بتسامح اكبر مما لو جرى الانحراف عن قيم دينية، على الرغم ان انتهاكات اجتماعية وحقوقية هي التي تقف عادة خلف التخلي عن الاديان. بذلك يصبح الامر دائرة من الشر المتبادل.

من وجهة نظر الاصوليين، المرء الذي يترك دينه يكون ارتكب خطأ ومعصية، انه اختار طريق الضلال. سيحاولون بكل الطرق التقليل من اهمية عمله تارة بالقول انه يحاول ان يجلب الاهتمام اليه او انه في مرحلة مراهقة او ان لديه مشاكل نفسية ويلقي بإعبائها على الدين. والكآبة والغضب ينظر اليها على انها خطيئة او على الاقل تأثيرات شيطانية. ان يترك المرء الله هو خطيئة شخصية وفي ذات الوقت ترك الدين هو عقوبة من الله، فمن يضله الله لا ناصر له.

عادة، المؤسسات المختصة بحماية الطفولة، لاتتوانى عن التتدخل لمنع الانتهاكات ضد الاطفال، ولكن الاضرار الناجمة عن الدين والانتهاكات المحمية دينيا تكون عادة اكثر ضررا واطول تأثيرا واقل احتمالا لإمكانية التتدخل ضدها او الانتباه اليها. من الصعب توجيه الانتقادات للسلوكيات التي تملك تشجيعا في الثقافة الدينية. لازال الاباء يملكون حق ضرب اطفالهم ، ويملكون الحق بمعاملة اطفالهم كما يرغبون. والخوف الناشئ تجاه الاطفال يسمح حتى بممارسة وتغطية الانتهاكات الجنسية داخل العائلة. وليس من النادر ان يقوم الاباء بتزويج بناتهم في اعمار المراهقة وحتى في مرحلة طفولة وبالرغم عنهم، كما ان زواج الاقارب شائع للغاية. كافة الدلائل تشير الى ان الاباء يعاملون اطفالهم وكانهم املاكهم الخاصة بدعم من قانون الاحوال الشخصية والقانون الجنائي، رضوخا للطيف الديني، والكثير مما يحدث يجري خلف ابواب موصدة.

وعندما يتعلق الامر بعلاج المصابين بالاضطرابات من صدمة الدين، لازال ليس بالامكان تناول العلاج بربطه بعلاقة مباشرة مع الدين. غير ان ربطه امر غاية في الاهمية إذ يتضمن العلاج محاولة بناء القدرة على التفكير المستقل وعدم الوقوع تحت خواء اجترار الافكار الجاهزة بدون جرأة على تناولها نقديا بشجاعة، وبناء الثقة بالنفس. يجب على المصاب ان يطور قدراته الخاصة وثقته بنفسه.
تؤكد الدكتورة وينيل الى ان هناك حاجة ماسة الى اختصاصيين في حقل الصحة النفسية قادرين على تشخيص مرض الصدمة النفسية الدينية ومعالجتها من مصلحة المصاب. الدين يسبب الكثير من المعاناة للافراد ويقسم العائلة ويمزق المجتمعات. يجب رفع الحصانة عن نقاش مثل هذه القضايا بما يوقف معاناة الافراد وينقذ الجميع على السواء. انه موقف اخلاقي وواجب انساني علينا انجازه.

جدول بالامراض العصبية والنفسية التي يسببها الدين
The symptom and causes of religious trauma syndrom, According to Marlene Winell.


Cognitive
  • confusion
  • poor critical thinking abilities
  • negative thinking about self-efficiacy and self worth
  • black and white thinking
  • perfectionism
  • difficulty with decision making
Emotional
  • depression
  • anxiety
  • anger
  • grief
  • loneliness
  • difficulty with pleasure
  • loss of meaning
Social
  • loss of social network
  • social awkwardness
  • sexual difficulty
Cultural
  • unfamiliarity with the secular world
  • fish out of water feeling
  • difficulty belonging
  • information gap (evolution, modern art, music)
Causes
  • authoritarianism coupled with toxic theology
  • suppressing normal childs developement
  • cognitive/social/emotional stages arrested
  • damage to normal thinking and feeling abilities
  • independent thinking condemned
  • feeling condemned
  • external locus of control
  • knowledge revealed not discovered
  • learned helplessness - depression
  • self - not reliable and good source - hierarchy
  • unhealthy sexual views