الوعي، الصفة التي نتقاسمها مع الالهة



الوعي، وليس الروح، هي الصفة العليا التي يشارك الانسان فيها الله.

ماهو الوعي؟
هل يصلنا البحث في خصائص الوعي الى الآلهة؟
التأمل
التأمل يعمق الوعي
الدماغ جهاز معقد، الكثير من العمليات يأخذها على عاتقه لتصبح اوتوماتيكية. اسئلة ضمنية تواجهنا في كل ثانية مثل، هل انا جوعان؟ هل انا متضايق من الحذاء؟ اي يوم من ايام الاسبوع اليوم؟ هل انا مستعجل؟

على كل هذه الاسئلة نحصل على الجواب بأقل من ثانية، وتقريبا بدون الحاجة للتفكير. في البدء علينا توجيه وعينا الى السؤال. دماغ الانسان تهطل عليه بحر من الانطباعات الحسية، ويحوي على كمية كبيرة من المعارف العامة والذكريات. إضافة الى ذلك هو مكان تحدث فيه عمليات التفكير بشكل لاينقطع، تقريباً. ولكن في كل لحظة معينة لايمكننا ان نعي الا بجزء صغير من مجموع ماينشغل فيه دماغنا.

يمكن القول ان الوعي هو نافذتنا على العالم. في هذه المساحة ننتبه للانطباعات التي تأتي الى حواسنا، بحيث ينحصر تركيزنا عليهم، ونقوم بالاستنتاج واتخاذ قرار واعي. غير ان الوعي ليس نافذة عادية، وانما اقرب للمصفاة، تختار لنا كمية منتقاة ومحددة من مجمل القادم الينا. الغالبية العظمى للمعلومات الهاطلة على حواسنا يجري تهميشها وتجاوزها فلاتصل الى الوعي، اما الذي يصل الى الوعي فيكون قد مر بمرحلة من التقييم الغير واعي في الدماغ اولا.

مجموعة من الدراسات اظهرت ان الدماغ يعالج الحقيقة ( القادمة مع الانطباعات الحسية) بسرعة وسطحية. في بعض الحالات يعطي انطباعات هلوسية وهمية، وصورة ملتوية عن العالم، توحي لنا وكاننا نملك السيطرة على تصرفاتنا. هذا الامر جعل مهمة العلماء في تعريف الوعي وتفسيره بإستخدام مفاهيم العلوم الطبيعية الكلاسيكية امرا غاية في الصعوبة.

الوعي هو الطريقة التي نختار فيها انطباعات منتقاة قادمة من الحواس والمشاعر والافكار، ونخصص لهم اهتمام كبير. نحن نوجه الضوء على جزء ونركز عليه، لنقوم بإجراء خيار. عندما نقود سيارة في وسط حركة الطريق، ليس على الدوام نركز الانتباه على المشاة او اشارات المرور او بقية السيارات. غالبا نصل بسلام، واحيانا لانستطيع حتى تذكر تفاصيل خط السير. إذا ظهر ان الطريق مغلق يتوجه الوعي على الفور الى التركيز على خيارات مفتوحة اخرى.

غالبية العلماء متفقين على ان وعينا محدود، واننا قادرين على الوعي، في وقت واحد، بخمسة اشياء على الاكثر. الشرطة تعلم بظاهرة الرؤية النفقية التي تظهر للواقع عند التحقيق مع الشهود، إذ وعلى الرغم من ان المرء كان شاهدا على السرقة ، مثلا، لايتوفق، غالبا، في وصف ملابس او طول السارق، لكون وعيهم كان يركز على اشياء اخرى.

الحوادث الغير سعيدة تحدث ليس فقط لان وعينا محدود وانما ايضا لكونه ليس على الدوام يركز على الشئ الذي كنا نريد ان يركز عليه. احدى الامثلة النموذجية على ذلك عندما نقرأ تقرير ممل في العمل، في ذات الوقت الذي نفكر فيه بماسنقوم به عند العودة الى البيت او في العطلة. على الرغم من ان العين تقرأ كلمة كلمة، ونحن نقلب كل صفحة، نضطر بعد ذلك الى الاعتراف بعدم معرفتنا بمحتوى التقرير. نحن نقرأ، ولكننا لانعي مانقرأ. مثل هذا الوعي لامنتوج له ولكن في حالات اخرى سيكون من صالحنا ان الوعي في مكان اخر. مثلا نجد ان الانسان قادر ان يسوق دراجة بدون ان يفكر بماذا تفعل رجليه ويديه، اي بدون تتدخل من الوعي. هذا الامر لاغنى عنه للقيام بالاعمال التي تتطلب سرعة في ردة الفعل.

تفسير الامر ان الوعي على الدوام يتواجد خطوة الى الوراء بالمقارنة مع الواقع حولنا. على كل حال كان هذا هو الاستنتاج الذي اوصلت اليه مجموعة من الدراسات قام بها، في السبعينات، عالم الاعصاب الامريكي Benjamin Libet, من جامعة كاليفورنيا. مستخدما في تجاربه الاشخاص المصابين بالصرع الذين اجروا عملية. عند اجراء هذه العملية يجري كشف الدماغ والمصاب بكامل وعيه، من اجل ان يساعدوا الطبيب في الوصول الى المنطقة المراد علاجها.

ليبيت قام بتمرير رعشة كهربائية على يد المشارك بالتجربة واخرى على منطقة في الدماغ، المسؤولة عن المشاعر القادمة من اليد. الثانية اعطت ذات الانطباع مثل الذي حصل عليه الشخص من يده. غير ان المثير للدهشة انه عندما كان يمس منطقة الدماغ واليد في ذات الوقت كان الشخص المعني يعايش الامر وكأن ليبيت مس اليد اولا. وحتى عندما مس الدماغ وبعد 150 ثانية مس اليد يشعر الشخص ان اليد هي التي جرى مسها اولا. تفسير ذلك ان الوعي متخلف عن الواقع ولكن الدماغ يخدعنا ويجعلنا نعتقد ان كلا الامرين متوازين. إذا قمنا، مثلا، بغطس الاصبع في فنجان قهوة حار، والدماغ يحصل على اعلام من الشبكة العصبية ان القهوة حارة، سيرسل رسالة تصل الى وعينا بعد نصف ثانية، ولكن نحن سنشعر اننا واعين بالامر منذ نفس اللحظة.

حسب الباحث ليبيت فإن هذا الوهم ينشأ في مركز الدماغ، تالاموس، حيث تلتقي جميع الاعصاب القادمة من الحواس، قبل ان ترسل الى المراكز الدماغية المعنية. تجربة ليبيت جرى تأييدها من تجارب باحثين اخريين، غير انه في الفترة الاخيرة جرى شك في صحة الاستنتاجات. بعض المعطيات تشير، مثلا، الى انه فقط الانطباعات الاحساسية الضعيفة للغاية هي التي تتطلب نصف ثانية لتسجيلها في حين ان الانطباعات القوية يصل بسرعة اكبر.

غير انه لااحد قادر على الوصول الى الاستنتاج النهائي، إذ ان الباحثون يفتقدون الطرق للتمكن من تسجيل وقياس الوعي. إن اي قياس للوعي في ذاته تأثير على الوعي وبالتالي لن يكون مقياسا موضوعيا. فمثلا لو كان الباحث يريد ان يعرف اذا كان شخص التجربة واعي ان نظاراته تضغط على انفه فعليه ان يسأله وبالتالي يجعله منتبه للنظارة والانف، فيسقط القياس.

تعبير غواليا qualia, يستخدمه المختصون لوصف مجموع العلاقات التي نعايش ونعيي فيها الانطباعات الحسية القادمة من الخارج. الضوء بطول موجة 660 نانوميتر يعتبر احمر، تعريفاً. ولكن نحن لانعايش اللون الاحمر على انه موجة محددة وانما، لون احمر، شئ غير قابل للتعريف من قبل الوعي، ومثل هذه المعايشات الذاتية، الغير موضوعية تسمى غواليا.

الكثير من الدلائل تشير الى عدم وجود علاقة بين الموجة 660 نانومتر وبين معايشة الاحمر، وانما الحاسة انطباع تعليمي، ابتدع الرمز لتسهيل التعامل مع الموجات الضوئية. من اجل ان نفهم انطباعات الاحاسيس علينا من فترة مبكرة ان نتعلم ونعي معنى الانطباع ومايرتبط به ونعيد التعرف على معنى رمزيته. مثلا لو ان الانسان، طيلة حياته لايشرب الا البيرة فإنه لن يكون قادر على التعرف على بقية اطياف الروائح والمذاقات لمختلف انواع النبيذ والخمور. اللسان والانف قادرين على تلقي مجموعة كبيرة من التأثيرات ، ولكن في الوعي يتجمع مقدار قليل من انطباعات اطياف المذاق والروائح. ومن اجل ان نعاود التعرف على محتويات زجاجات البهارات التي تشير اليه اسماءهم ، لابد ان نكون قد تعرفنا سابقا على اختلافاتهم بالرائحة والمذاق.

ودراسة الاشخاص الذين ولدوا عميان ولكنهم استعادوا البصر فيما بعد، تشير الى انه حتى القدرة على الررؤية تحتاج ان نتعلمها. مثلا الاعمى منذ الولادة يمكن ان يتعلم تعريفا للبرتقالة، على انها دائرية ولها قشرة ملساء مخربشة قليلا. ولكنه لو، فجأة، رأى البرتقالة فإن اللون البرتقالي والانطباع بكروية البرتقالة لايعبر عنهم بأي معنى. ببساطة ليست لديه اية فكرة عما يراه. وفقط بعدما يبدأ بتحسس البرتقالة ويتمعن بها ينشأ لديه ببطء وعي بالبرتقالة كما هي في الواقع.

في دراسة بريطانية عن رجل اعمى استعاد بصره، كان الرجل في البداية يرسم باص كما يراه، فلاتتجاوز الرسمة عن علبة لها نوافذ مربعة. بعد بضعة اشهر وساعات من التمعن يبدأ بوعي وجود بقية التفاصيل مثل الباب واللمبات والدعاية على جوانب الباص.

في الوقت الذي يلقي البسيكولوجيين نظرة على الوعي من خلال دراسة الرسومات نجد ان الباحثين في مجال الوعي العصبي يصارعون لتحديد مكان الخلايا العصبية التي تنشط لتخلق وعي المعايشات. والصعوبة في تحديد الخلايا المعروفة بإسم neural correlates of consciousness, NCC.

مثلا من السهل نسبيا تحديد الخلايا العصبية التي تشارك في حركة اليد. ذلك يستدعي تصوير الدماغ قبل الحركة واثناء الحركة وبعد الحركة وتحليل الصور لتحديد لنجد المراكز الدماغية التي تغيرت خلال هذا النشاط ، بالذات عند حركة اليد. هذا الامر غير متاح عند نشاط الوعي ، لكون، في الظروف الطبيعية، على الدوام يحدث شيئا ما فيه.

مثلا إذا قام شخص بتركيز وعيه على شئ محدد، لن يعني ذلك، كما في مثال اليد، ان بعض الخلايا العصبية قد تنشطت فجأة، إذ ان الوعي كان قبل ذلك مركز على شئ اخر، وبالتالي كان في حالة نشاط. في الواقع من الصعب معرفة فيما إذا كانت التغييرات في النشاط هي جراء الوعي بالانطباعات الحسية ام مجرد معالجة للاشارات القادمة الاحاسيس الى الخلايا العصبية.

علماء الخلايا العصبية لايملكون رأيا موحدا عن المكان الواجب البحث فيه للعثور على الخلايا العصبية المسؤولة عن الوعي. البعض يعتقد ان الامر يدور عن شئ مثل المركز اللامركزي، منتشر على القشرة الدماغية، بحيث ان كل فكرة تملك NCC خاص بها. القسم الاخر يشكك بوجود مثل هذه الخلايا على العموم.

احدى المتشددين البروفيسورة Susan Greenfield, والتي تعتقد ان جذور الوعي تظهر عندما تعمل خلايا عصبية من انحاء مختلفة من الدماغ مع بعض في شبكة معقدة. وكلما كانت الشبكة اكثر تعقيدا كلما كان الوعي اكثر عمقا.

إذا مارسنا جهدا منظما يتطلب تغييرات حركية كثيرة مثلا الرقص، تنهمر، من الحواس على الدماغ، انطباعات جديدة طول الوقت، بحيث انه ببساطة لايبقى وقت يسمح بتنشيط مراكز دماغية اخرى لخلق شبكة واسعة. لهذا السبب نختصر الامور وننظر للعالم نظرة محدودة تبقي الوعي في ادنى المستويات فقط. على الضد من ذلك يكون الوعي في اعلى مستوياته عند الخوض في القضايا التجريدية والتفكير المنطقي. في هذه الحالة تعمل العديد من المراكز الدماغية في شبكة واسعة، وغالبا بمعزل عن مراكز الاحساس بحيث اننا نفقد التماس مع الواقع.

إذا كان مستوى الوعي مرتبط فعلا بحجم شبكة الخلايا العصبية يعطينا ذلك ايضا تفسيرا طبيعيا لسبب تطور وعي الانسان درجة بعد درجة بحسب مراحل نموه العمري وبحسب مراحل تطوره الحيواني. حسب الباحثة، لايوجد مايدعم علميا ان هناك في الدماغ مركز خاص للوعي نشأ في مرحلة محددة من تطور الحيوان او ان هناك مركز يجري تنشيطه في مرحلة من مراحل نمو الانسان.

الوليد الجديد يملك شبكة محدودة بين الخلايا العصبية للدماغ ، ووعيه مختصر على بعض الانطباعات الحسية والتي يتفاعل معها بردود فعل بسيطة وعاطفية. في المراحل التالية من الحياة، ومع ازدياد اعداد القنوات بين الخلايا العصبية من 2500 الى 15000 ، يصبح الطفل اكثر وعيا وقادر على وعي العالم والتفكير التجريدي.

وعلى الرغم من عدم القدرة على تحديد مستوى وعي الحيوان الا انه لايوجد اي شك في ان الوعي تطور عبر مملكة الحيوان من حدود دنيا، مثلا الحشرات التي تملك دماغ بدائي الى الانسان-القرد الذي يملك دماغا معقدا. التجارب التي جرت في السبعينات والتسعينات اظهرت ان الشمبانزي والاورانجغوتانغر والغوريللا التي يجري تخديرها ويوضع لها علامة على جبينها تحاول ازالتها بعد ان تنظر الى نفسها بالمرآة. ذلك يعني انهم واعون الى ان الصورة في المرآة تمثلهم، مما يعني امتلاكهم لمستوى عالي من الوعي بالذات. الاطفال يحققون هذا المستوى، للمرة الاولى، في السنة الرابعة من عمرهم.

وحتى إذا تمكن العلماء من تحديد مركز او مراكز معالجة الوعي في الدماغ سيبقى يتطلب الامر وقتا طويلا قبل ان نفهم ماهو الوعي. هل الوعي مجرد اشارات من الخلايا العصبية في الدماغ؟ هل يتدخل في الامر التفاعلات البيوكيميائة او الخلوية او الفيزيائية؟ ام انها ظاهرة لن تتمكن العلوم الطبيعية من تفسيرها ابدا، لكونها تحتوي شئ غير فيزيائي؟

النظريات كثيرة، والبعض قدم تفاسير مثيرة حقا.
التأمل
هل الوعي من عالم اخر؟
سوزان غرينفيلد ترى ان الباحثون يركزون اكثر من اللازم على الدماغ، في سعيهم لتفسير ماهية الوعي. غير ان الدماغ جزء من الجسم، وبدون الجسم لن يتمكن الوعي من الوجود. لذك ترى ان مراكز التحكم الرئيسية الثلاثة (المنظومة العصبية، التوازن الهرموني، نظام المناعة) يتواصلون بغزارة مع بعض بمساعدة وحدات بروتينية، قادرة على حمل ونقل المعلومات من منظومة الى اخرى. في حادثة معينة يفرز الدماغ البروتين الذي بدوره يؤثر على التوازن الهرموني ومنظومة المناعة فيحثهم على إفراز بروتينات اخرى، والتي كلا منها، بدورها تعود لتؤثر على المنظومتين الاخريين. بهذا الشكل ينشأ تعايش تأثيرات متبادلة بين الجسد والدماغ، وهذا هو الوعي، حسب غرينفيلد.

نظرية مختلفة كليا تأتي من البروفيسور في الرياضيات Roger Penrose, والذي يرى ان جذور الوعي تغوص في فيزياء الكم ( الكفانت)، اي في اصغر الجزيئات الكونية. بينروز يعتقد انه قادر على البرهنة ان مفاهيمنا الرياضية، والتي هي تعبير عن مفاهيمنا على العموم، يستحيل يوما ما تمثيلها في الكمبيوتر. لهذا السبب لابد ان الدماغ يملك خصائص تمتد فوق البيلوجيا العادية والفيزياء والكيمياء، من حيث ان جميعهم بالامكان تقديرهم وتمثيلهم في الكمبيوتر. وبحسب بينروز، فالمفتاح الى الوعي يمكن العثور عليه فقط في اشكال من الفيزياء لازالت مجهولة لنا، اي نوع من فيزياء الكم، حيث تعاون فعل ورد فعل بين الذرة ومكوناتها الاصغر يجري تحويلها الى اشارات عصبية.

ولكون الخلية العصبية الواحدة تتضمن عدة مليارات من الذرات، فإنه من البساطة ان العمليات الكفانتية ستضيع معالمها وتغرق في المجموع، ولهذا السبب يضيع علينا التقاط دورهم. بينروز يرى ان البينية الانبوبية التي تتكون منها الذرات microtubli, والموجودة في جميع الخلايا ، قادرة على اعطاء حماية بحيث ان وضع كفانتي خاص يمكن ان ينشأ ويحافظ عليه ويجري نشره. وحسب هذه النظرية فإن الوعي ينشأ كنوع من انواع الكمبيوتر الكفانتي.

نظرية اخرى لتفسير الوعي جرى صياغتها من قبل الفيلسوف David Chalmers, من جامعة اريزونا. ومختصر هذه النظرية ان كل شئ يملك مظهرين (وجهين لوجود واحد): فيزيائي وغير مادي. في الوقت الذي يمكن وضف المظهر الفيزيائي للاشارات العصبية من خلال نشاطهم فإن الوعي يمثل المظهر الثاني الغير مادي. لذلك فإن الوعي ليس شيئا ينشأ في مكان محدد في الدماغ او نشأت في عملية تطور في مملكة الحيوان. الحيوان الذي يملك شبكة بسيطة يملك وعي محدود في حين ان الشبكة العصبية الانسانية تعطي وعيا اكبر واكثر تطورا. بذلك يصل شالمير الى ذات الاستنتاج الي توصلتت اليه سوزان غرينفيلد ولكن من زاوية اخرى.

يترتب على ذلك، حسب تشالميرز ، ان الوعي ليس محصورا على الاشارات العصبية، وانما خاصية بنيوية في كل شئ يحتوي على نوع من انواع المعلومات. والمعلومات تنشأ بقوة التغيير في الوجود المنظومي. في الكمبيوتر تنشأ المعلومات حسب تموضع كل بيت، صفر او واحد. في الخلية العصبية تنشأ المعلومة من خلال فيما إذا ارسلت اشارة (واحد) او لم ترسل (صفر). بناء على هذه النظرية فإن كل شئ قادر على التغير يملك وعي. وحتى المفتاح الاوتوماتيكي، الذي يفتح او يغلق بناء على الحرارة، يملك ايضا نوع من الوعي، على الرغم من انه وعي محدود للغاية.

وعلى الرغم من ان هذه النظريات حول طبيعة الوعي، مختلفة جذريا، يملكون عاملا مشتركا، انهم جميعا مجرد إعتقادات لاترقى حتى للفرضية، ولايمكن تجربتها مختبريا. لذلك لازالت المسيرة طويلة قبل الوصول الى تفسير مقبول للوعي. ولكن لو اردنا الطريق الاسهل، لكان ينبغي علينا ان نسأل الفيلسوف Colin McGinn من جامعة روتغير في نيوجيرسي ، عندها لن نحتاج حتى للبدء بالابحاث. ماغين يرى ان الوعي هو قوة فوق طبيعية نشأت قبل الانفجار العظيم وقبل الزمان والمكان والمادة. وحسب ماغين فإن الوعي هو بقايا الزمن الصالح وهي من مادة ليست من عالمنا جائتنا من بعد اخر لاعلاقة له بكوننا. والدماغ من عالمنا ويخضع للقوانين الفيزيائية، ولهذا السبب لايملك المقومات الضرورية ليفهم الوعي الذي يشغله، والذي يخضع لقوانين اخرى مختلفة.