البحث في دماغ المراهقين
للمرة الاولى يقوم العلماء بدراسة كيفية تطور دماغ المراهقات والمراهقين الطبيعيين. لقد ظهر ان الدماغ ينضج ببطء وان الفص الجبهوي هو اخر من يصل الى النضوج. هذا الامر يوضح اسباب ان المراهقين والراهقات من الصعب عليهم اختيار الانطباعات الصحيحة والتخطيط للمستقبل، وايضا انهم يجازفون اكثر ويقدمون على مخاطر وتضحيات لاتتناسب والهدف بمقاييس الكبار.
عند شخص عمره 12 سنة يكون الدماغ مشابه لدماغ الكبير من حيث الحجم والوزن والانثناءات ومع ذلك فهو لم يصبح تاما كما لدى الكبير. الباحثين من المعهد الوطني للصحة العقلية في بثيدا قرب واشنطن (National Institute of Mental Health, NIMH), درس نضوج الدماغ لدى المراهقين والمراهقات في مشروع شارك فيه 2000 مراهق ومراهقة بالاعمار من 3 سنوات الى 25 سنة.
يقول Jay Giedd, البسيكولوجي ومدير قسم بناء الدماغ في المعهد السابق:" نحن في الواقع مهتمين بالامراض العقلية وجلست في عطلة الاسبوع في المكتبة لقراءة كل مايتعلق بموضوع كيفية نمو ونضوج الدماغ عند المراهقين ولكني لم اجد دراسات بالموضوع، لذلك عطلة الاسبوع اصبحت 16 سنة من الدراسات".
بمساعدة التصوير المغناطيسي قرأ الباحثون كيفية توزع المادة الرمادية والمادة البيضاء في الدماغ وتطورها عند الاطفال من عام 5 سنوات والى حد بلوغهم العشرين من العمر، وهو الامر الذي جرى نشره في مجلة PNAS قبل بضعة سنوات. المادة الرمادية يتكون منها الخلايا العصبية في حين ان البيضاء هي القنوات العصبية محمية ومعزولة في الدهن. لقد ظهر ان المادة الرمادية تزداد ثخانة في فترة الطفولة ثم تبدأ بالنحول بموجة تنشا من الخلف لتنتهي في مقدمة الدماغ عن بلوغ العشرين من العمر. الفص الامامي يتحكم في التنسيق بين اقسام الدماغ وردود الاقعال اللاواعية والتخطيط وتنفيذ الخطة والحكمة والاستنتاج.
نحول طبقة المادة الرمادية في فترة المراهقة سببه ان نقاط اتصال الخلايا العصبية تصبح اكثر نضوجا وبالتالي تصبح اقل ولكن اكثر فعالية. " خلية عصبية عند طفل بعمر 11 سنة يمكن ان تملك اتصال مع 15 الف خلية عصبية اخرى في حين عندما يبلغ الطفل الاربعين عاما من عمره يبقى هناك 3-4 الف خط اتصال، وفي فترة المراهقة تحدث اسرع التحولات" يقول جاي غيد.
نعلم من ابحاث سابقة ان الدماغ سريع التلقي في السنوات الستة الاولى. النتائج الجديدة تشير الى ان دماغ المراهقين يحدث فيه إعادة تغيير اكبر في هذه المرحلة. مايحدث هو ان الاتصالات الفائضة تختفي وان الاشارات بين الدماغ ومختلف الاقسام تصبح اكثر فعالية. لهذا السبب من المهم تحفيز المراهقين على توسيع نشاطاتهم العقلية للحصول على انطباعات جديدة تسبب ابقاء اكبر قدر ممكن من القنوات من خلال الاهتمام بالموسيقى والقراءة والرياضيات والرقص والرياضة واللغات والرسم واعمال الصلصال وكتابة القصص. ان سلوك الوالدين وبقية الكبار هو الذي يشكل النموذج التعليمي الحقيقي وليس مايقال. بمعنى اخر الطفل يتعلم من كيفية تعامل الاب مع الام والام مع الاب وليس من خلال نصوص عن حسن التعامل.
ينبه جاي غيد الى اننا " نحن نتعلم من خلال تقليد الكبار ولذلك فمبدأ: افعل كما اقول ولاتفعل كما اعمل هو طريقة تربوية فاشلة". في ذلك فإن طريقة الانسان في التعلم من خلال التقليد لاتختلف بشئ عن ماهو الحال لدى بقية الحيوانات الاخرى.
درس اخر نتعلمه من هذه الدراسة ان اقتصار المقارنة على قياس حجم الدماغ وشكله يعطينا نتائج خاطئة. الاهم هو رؤية كيفية الطريق الى دماغ ناضج تماما. قبل فترة قصيرة برهنت دراسة نشرت في مجلة الطبيعة ان تأخر موجة نحول المادة الرمادية ، حيث الدماغ يبقى محافظا على الكثير من القنوات لفترة طويلة، يتوافق مع الحصول على درجات عالية في امتحان الذكاء.
صعوبة في التركيز
الباحثة في الدماغ Beatriz Luna, من جامعة المركز الطبي لبيتسبورغ في بنسلفانيا تدرس قدرات المراهقين على التحكم بأحداث مختلفة والمقارنة بين الاطفال والبالغين(المراهقين) والكبار. لقد قامت بإجراء تجربة حيث المشاركين فيها يقومون بمراقبة شاشة كمبيوتر حيث تظهر عليها بطريقة عشوائية نقاط مضيئة. بعض الاحيان تكون مهمة المشاركين التركيز على النقاط المضئية ومرات اخرى عليهم تفاديها. وخلال التجربة يجري تصوير ادمغتهم. عند المراهقين المشاركين نلاحظ ان دماغهم يحتاج الى استخدام مساحات كبيرة من الفص الامامي ليتمكنوا من النجاح بنفس مستوى الكبار.
بذلك بسبب كيفية تحكمهم بنوعين مختلفين من انواع التحكم بالسلوك: الداخلي والخارجي. التحكم الخارجي يعتمد على التحفيز الخارجي مثل ان ننظر الى النقاط المضيئة عندما يظهرون على الشاشة في حين ان التحكم الداخلي يوجه من خلال الارادة ويمثله في التجربة محاولة تفادي النظر على النقاط المضيئة. التجربة توضح لنا انه كلما زاد عدم نضوج الفص الامامي كلما صعب على الارادة التحكم بردود الافعال.
فريق البحث الذي تترأسه Beatriz Luna تمكن ايضا من البرهنة على ان دماغ الكبار افضل من المراهقين في قدرته على تفعيل العديد من المناطق بوقت واحد لاستيعاب جميع الانطباعات التي تقدمها حادثة معقدة. في حين ان المراهقين يجازفون بتعرض الفص الامامي للتعب مما يؤدي الى اتخاذ قرار خاطئ وارتكاب الخطأ.
هذه الدراسات الجديدة تسطيع ايضا تفسير اسباب تجربة المراهقين للمخدرات او الاستهتار بطرق الوقاية عند ممارسة الجنس، على الرغم من معرفتهم بالمخاطر. الباحثة المختصة بالدماغ Betty Jo Casey تقود مجموعة بحث في Weill Medical Collage of Cornell University, في نيويورك. في احدى الدراسات قاموا بقياس نشاطات الدماغ لدى 37 شخص اعمارهم مابين 7-29 سنة خلال إنجازهم لمهمات بسيطة. عند نجاحهم في المهمة يحصلوا على مكأفأة صغيرة او متوسطة او كبيرة. عند المراهقين/المراهقات الذين يحصلون على مكافأة متوسطة او كبيرة نجد ان ردة الفعل في منطقة خاصة من الدماغ nucleus accumbens, اكثر قوة مما هو عليه الحال لدى الاطفال والكبار. ذلك يعني ان دماغ المراهقين يقدم تحفيزا متطرفا. عند المكافأة الصغيرة فإن ردة فعل المنطقة ذاتها تكون اقل عن المراهقيين مما هو الحال لدى الاطفال والكبار.
ان يكون مركز " المكأفاة" في الدماغ فوق النشيط في ذات الوقت الذي يكون فيه الفص الامامي، الملكف بالتحكم بالتخطيط، غير تام النمو يقف ايضا خلف الاسباب التي تؤدي الى ان المراهقين يخاطرون ويجازفون اكثر من اجل الوصول الى مشاعر المتعة. وايضا يكونوا اكثر سهولة في الوقوع في مخالب الادمان على مصادر المتعة السريعة بالمقارنة مع مصادر متعة طويلة الامد. ذلك احد الاسباب التي تجعل من الضروري ابعاد المراهقين من العاب القمار والكحول في فترة ماقبل نضوج الفص الامامي وتجعل المراهقين غير مؤهلين للزواج .
ليس من الصعب رؤية الافضليات البيلوجية في ان يملك الشباب والشابات خصائص الاندفاع نحو المجازفة والتحدي، ونقص التحديات في بيئة المراهق قد تؤدي الى الكآبة والضجر والقلق والتوتر وتهديد الصحة النفسية، حسب Aleksander Perski الباحث في مجال التوتر.
في حين تشير الباحثة في مجال علم النفس السويدية Anna Kåver ان "القلق والتأنيب اصبحا السبب الرئيسي وراء مشاعر الانزعاج العامة وبذلك نرى مرض الشباب اصبح موجة معدية تهدد المجتمع".
امام هذه التحديات الجديدة التي يقدمها المجتمع الحديث نجد ان من الصعب على المراهقين التحكم بالخوف والقلق ومن بين الاسباب ان المراهقين لايرون ان الخوف يمكن ان يزول. في المراحل الاولى لدخول المجتمع يكون المراهقين الشباب والشابات لم يحصلوا على الخبرات الكافية لمعالجة المصاعب. عند وقوفهم امام العراقيل يتساؤلون فيما إذا كانت الحياة بهذه الصعوبة والبعض يتخلى عن الصراع.
احدى المؤشرات الواضحة على الشعور بالالم الداخلي والوحدة ان يقوم المرء بتوجيه الاذى الى نفسه، وهو امر اصبح يتزايد في هذه الايام. المراهقين الذين يقومون بأيذاء انفسهم محطمين نفسيا وانفعاليين ومن الصعب عليهم التحكم بتصرفاتهم. المعالجة النفسية التي يتعرض لها المصابين تهدف الى خلق توازن وانسجام بين الداخلي والخارجي وخلق مشاعر القبول بالذات وبالوضع الذي يحياه. اي ان يتمكن من تحمل الواقع كما هو وعلى اساسه تغيير حياته المستقبلية، لان اذية النفس تهدف الى التهرب من الالام النفسية الداخلية التي يعاني منها.
هذا المشروع يساعد ايضا تعليم الوالدين والمدرسة على طريقة التفاهم ومعاملة الاطفال والمراهقين. يجب على الكبار ان يتعلموا كيف ينصتوا بإحترام واهتمام وان لاتكون لديهم ردات فعل تعبر عن السخرية والاستهزاء مهما كانت التصرفات تبدو لهم غريبة. ومن الضروري اشعارهم ان لهم قيمة مساوية وان ارائهم تستحق الاهتمام. وفي الواقع فإن ازمات المراهقين يتحمل القسم الاكبر من مسؤوليتها الكبار بدأ من الوالدين مرورا بالمدرسة والمدرسين وانتهاء بالمجتمع وعقليته وثقافته ومنظماته.
ساعد بدون تذاكي
من اجل مساعدة فعالة على الوالدين ان يهبطوا من قصرهم العاجي ليصبحوا بمستوى اطفالهم ويحاولوا رؤية وفهم الواقع في عقل اطفالهم. يجب ان يكون سلوك الوالدين يبعث مؤشرات واضحة على انهم يفهمون ويتفهمون ويعبرون عن الرغبة بالمساعدة وليس توزيع الاحكام والتذاكي. لايعني ذلك ان علينا تمرير جميع السلوكيات وغفرانها وانما علينا محاولة رؤية الطفل وعالمه وسلوكه من جميع الزوايا وتقديم التشجيع وليس فقط العقوبة.
للمرة الاولى يقوم العلماء بدراسة كيفية تطور دماغ المراهقات والمراهقين الطبيعيين. لقد ظهر ان الدماغ ينضج ببطء وان الفص الجبهوي هو اخر من يصل الى النضوج. هذا الامر يوضح اسباب ان المراهقين والراهقات من الصعب عليهم اختيار الانطباعات الصحيحة والتخطيط للمستقبل، وايضا انهم يجازفون اكثر ويقدمون على مخاطر وتضحيات لاتتناسب والهدف بمقاييس الكبار.
عند شخص عمره 12 سنة يكون الدماغ مشابه لدماغ الكبير من حيث الحجم والوزن والانثناءات ومع ذلك فهو لم يصبح تاما كما لدى الكبير. الباحثين من المعهد الوطني للصحة العقلية في بثيدا قرب واشنطن (National Institute of Mental Health, NIMH), درس نضوج الدماغ لدى المراهقين والمراهقات في مشروع شارك فيه 2000 مراهق ومراهقة بالاعمار من 3 سنوات الى 25 سنة.
يقول Jay Giedd, البسيكولوجي ومدير قسم بناء الدماغ في المعهد السابق:" نحن في الواقع مهتمين بالامراض العقلية وجلست في عطلة الاسبوع في المكتبة لقراءة كل مايتعلق بموضوع كيفية نمو ونضوج الدماغ عند المراهقين ولكني لم اجد دراسات بالموضوع، لذلك عطلة الاسبوع اصبحت 16 سنة من الدراسات".
بمساعدة التصوير المغناطيسي قرأ الباحثون كيفية توزع المادة الرمادية والمادة البيضاء في الدماغ وتطورها عند الاطفال من عام 5 سنوات والى حد بلوغهم العشرين من العمر، وهو الامر الذي جرى نشره في مجلة PNAS قبل بضعة سنوات. المادة الرمادية يتكون منها الخلايا العصبية في حين ان البيضاء هي القنوات العصبية محمية ومعزولة في الدهن. لقد ظهر ان المادة الرمادية تزداد ثخانة في فترة الطفولة ثم تبدأ بالنحول بموجة تنشا من الخلف لتنتهي في مقدمة الدماغ عن بلوغ العشرين من العمر. الفص الامامي يتحكم في التنسيق بين اقسام الدماغ وردود الاقعال اللاواعية والتخطيط وتنفيذ الخطة والحكمة والاستنتاج.
نحول طبقة المادة الرمادية في فترة المراهقة سببه ان نقاط اتصال الخلايا العصبية تصبح اكثر نضوجا وبالتالي تصبح اقل ولكن اكثر فعالية. " خلية عصبية عند طفل بعمر 11 سنة يمكن ان تملك اتصال مع 15 الف خلية عصبية اخرى في حين عندما يبلغ الطفل الاربعين عاما من عمره يبقى هناك 3-4 الف خط اتصال، وفي فترة المراهقة تحدث اسرع التحولات" يقول جاي غيد.
نعلم من ابحاث سابقة ان الدماغ سريع التلقي في السنوات الستة الاولى. النتائج الجديدة تشير الى ان دماغ المراهقين يحدث فيه إعادة تغيير اكبر في هذه المرحلة. مايحدث هو ان الاتصالات الفائضة تختفي وان الاشارات بين الدماغ ومختلف الاقسام تصبح اكثر فعالية. لهذا السبب من المهم تحفيز المراهقين على توسيع نشاطاتهم العقلية للحصول على انطباعات جديدة تسبب ابقاء اكبر قدر ممكن من القنوات من خلال الاهتمام بالموسيقى والقراءة والرياضيات والرقص والرياضة واللغات والرسم واعمال الصلصال وكتابة القصص. ان سلوك الوالدين وبقية الكبار هو الذي يشكل النموذج التعليمي الحقيقي وليس مايقال. بمعنى اخر الطفل يتعلم من كيفية تعامل الاب مع الام والام مع الاب وليس من خلال نصوص عن حسن التعامل.
ينبه جاي غيد الى اننا " نحن نتعلم من خلال تقليد الكبار ولذلك فمبدأ: افعل كما اقول ولاتفعل كما اعمل هو طريقة تربوية فاشلة". في ذلك فإن طريقة الانسان في التعلم من خلال التقليد لاتختلف بشئ عن ماهو الحال لدى بقية الحيوانات الاخرى.
درس اخر نتعلمه من هذه الدراسة ان اقتصار المقارنة على قياس حجم الدماغ وشكله يعطينا نتائج خاطئة. الاهم هو رؤية كيفية الطريق الى دماغ ناضج تماما. قبل فترة قصيرة برهنت دراسة نشرت في مجلة الطبيعة ان تأخر موجة نحول المادة الرمادية ، حيث الدماغ يبقى محافظا على الكثير من القنوات لفترة طويلة، يتوافق مع الحصول على درجات عالية في امتحان الذكاء.
صعوبة في التركيز
الباحثة في الدماغ Beatriz Luna, من جامعة المركز الطبي لبيتسبورغ في بنسلفانيا تدرس قدرات المراهقين على التحكم بأحداث مختلفة والمقارنة بين الاطفال والبالغين(المراهقين) والكبار. لقد قامت بإجراء تجربة حيث المشاركين فيها يقومون بمراقبة شاشة كمبيوتر حيث تظهر عليها بطريقة عشوائية نقاط مضيئة. بعض الاحيان تكون مهمة المشاركين التركيز على النقاط المضئية ومرات اخرى عليهم تفاديها. وخلال التجربة يجري تصوير ادمغتهم. عند المراهقين المشاركين نلاحظ ان دماغهم يحتاج الى استخدام مساحات كبيرة من الفص الامامي ليتمكنوا من النجاح بنفس مستوى الكبار.
بذلك بسبب كيفية تحكمهم بنوعين مختلفين من انواع التحكم بالسلوك: الداخلي والخارجي. التحكم الخارجي يعتمد على التحفيز الخارجي مثل ان ننظر الى النقاط المضيئة عندما يظهرون على الشاشة في حين ان التحكم الداخلي يوجه من خلال الارادة ويمثله في التجربة محاولة تفادي النظر على النقاط المضيئة. التجربة توضح لنا انه كلما زاد عدم نضوج الفص الامامي كلما صعب على الارادة التحكم بردود الافعال.
فريق البحث الذي تترأسه Beatriz Luna تمكن ايضا من البرهنة على ان دماغ الكبار افضل من المراهقين في قدرته على تفعيل العديد من المناطق بوقت واحد لاستيعاب جميع الانطباعات التي تقدمها حادثة معقدة. في حين ان المراهقين يجازفون بتعرض الفص الامامي للتعب مما يؤدي الى اتخاذ قرار خاطئ وارتكاب الخطأ.
هذه الدراسات الجديدة تسطيع ايضا تفسير اسباب تجربة المراهقين للمخدرات او الاستهتار بطرق الوقاية عند ممارسة الجنس، على الرغم من معرفتهم بالمخاطر. الباحثة المختصة بالدماغ Betty Jo Casey تقود مجموعة بحث في Weill Medical Collage of Cornell University, في نيويورك. في احدى الدراسات قاموا بقياس نشاطات الدماغ لدى 37 شخص اعمارهم مابين 7-29 سنة خلال إنجازهم لمهمات بسيطة. عند نجاحهم في المهمة يحصلوا على مكأفأة صغيرة او متوسطة او كبيرة. عند المراهقين/المراهقات الذين يحصلون على مكافأة متوسطة او كبيرة نجد ان ردة الفعل في منطقة خاصة من الدماغ nucleus accumbens, اكثر قوة مما هو عليه الحال لدى الاطفال والكبار. ذلك يعني ان دماغ المراهقين يقدم تحفيزا متطرفا. عند المكافأة الصغيرة فإن ردة فعل المنطقة ذاتها تكون اقل عن المراهقيين مما هو الحال لدى الاطفال والكبار.
ان يكون مركز " المكأفاة" في الدماغ فوق النشيط في ذات الوقت الذي يكون فيه الفص الامامي، الملكف بالتحكم بالتخطيط، غير تام النمو يقف ايضا خلف الاسباب التي تؤدي الى ان المراهقين يخاطرون ويجازفون اكثر من اجل الوصول الى مشاعر المتعة. وايضا يكونوا اكثر سهولة في الوقوع في مخالب الادمان على مصادر المتعة السريعة بالمقارنة مع مصادر متعة طويلة الامد. ذلك احد الاسباب التي تجعل من الضروري ابعاد المراهقين من العاب القمار والكحول في فترة ماقبل نضوج الفص الامامي وتجعل المراهقين غير مؤهلين للزواج .
ليس من الصعب رؤية الافضليات البيلوجية في ان يملك الشباب والشابات خصائص الاندفاع نحو المجازفة والتحدي، ونقص التحديات في بيئة المراهق قد تؤدي الى الكآبة والضجر والقلق والتوتر وتهديد الصحة النفسية، حسب Aleksander Perski الباحث في مجال التوتر.
في حين تشير الباحثة في مجال علم النفس السويدية Anna Kåver ان "القلق والتأنيب اصبحا السبب الرئيسي وراء مشاعر الانزعاج العامة وبذلك نرى مرض الشباب اصبح موجة معدية تهدد المجتمع".
امام هذه التحديات الجديدة التي يقدمها المجتمع الحديث نجد ان من الصعب على المراهقين التحكم بالخوف والقلق ومن بين الاسباب ان المراهقين لايرون ان الخوف يمكن ان يزول. في المراحل الاولى لدخول المجتمع يكون المراهقين الشباب والشابات لم يحصلوا على الخبرات الكافية لمعالجة المصاعب. عند وقوفهم امام العراقيل يتساؤلون فيما إذا كانت الحياة بهذه الصعوبة والبعض يتخلى عن الصراع.
احدى المؤشرات الواضحة على الشعور بالالم الداخلي والوحدة ان يقوم المرء بتوجيه الاذى الى نفسه، وهو امر اصبح يتزايد في هذه الايام. المراهقين الذين يقومون بأيذاء انفسهم محطمين نفسيا وانفعاليين ومن الصعب عليهم التحكم بتصرفاتهم. المعالجة النفسية التي يتعرض لها المصابين تهدف الى خلق توازن وانسجام بين الداخلي والخارجي وخلق مشاعر القبول بالذات وبالوضع الذي يحياه. اي ان يتمكن من تحمل الواقع كما هو وعلى اساسه تغيير حياته المستقبلية، لان اذية النفس تهدف الى التهرب من الالام النفسية الداخلية التي يعاني منها.
هذا المشروع يساعد ايضا تعليم الوالدين والمدرسة على طريقة التفاهم ومعاملة الاطفال والمراهقين. يجب على الكبار ان يتعلموا كيف ينصتوا بإحترام واهتمام وان لاتكون لديهم ردات فعل تعبر عن السخرية والاستهزاء مهما كانت التصرفات تبدو لهم غريبة. ومن الضروري اشعارهم ان لهم قيمة مساوية وان ارائهم تستحق الاهتمام. وفي الواقع فإن ازمات المراهقين يتحمل القسم الاكبر من مسؤوليتها الكبار بدأ من الوالدين مرورا بالمدرسة والمدرسين وانتهاء بالمجتمع وعقليته وثقافته ومنظماته.
ساعد بدون تذاكي
من اجل مساعدة فعالة على الوالدين ان يهبطوا من قصرهم العاجي ليصبحوا بمستوى اطفالهم ويحاولوا رؤية وفهم الواقع في عقل اطفالهم. يجب ان يكون سلوك الوالدين يبعث مؤشرات واضحة على انهم يفهمون ويتفهمون ويعبرون عن الرغبة بالمساعدة وليس توزيع الاحكام والتذاكي. لايعني ذلك ان علينا تمرير جميع السلوكيات وغفرانها وانما علينا محاولة رؤية الطفل وعالمه وسلوكه من جميع الزوايا وتقديم التشجيع وليس فقط العقوبة.