السببية بين الفيزياء والمنظور الاسلامي


يورد قاموس بلاكويل الفلسفي تعريفا للحتميّة مفاده : "إن لكٌل حدث سببا حتميا، أي أنَّ له سببًا يُؤكِّد وقوعَه"1. وفي الغالِب يستخدم مفهوم الحتميَّة بمعنى القُدرة على التنبُّؤ، غير أن كلمة "حتمية" في واقع الأمر ليست مرادفة لمفهوم القدرة على التنبُّؤ، لأنه إذا ما أمكن تحقق السببية وفق هذا ا لمعنى، وكان للإنسان القدرة على معرفة نواميسَ الطبيعة والشروط الابتدائيّة كلّها، لصار بمقدورهِ أن يُحدِّدَ المُستقبَل. غير أن السببية بذاتها قابلة للتحقق، دون أن يكون في إمكان الإنسان التنبُّؤ بالمستقبل، وذلك بسبب محدودية معرفتنا بقوانين الطبيعة والشروط الابتدائية. إي أن السببية مسألة وجوديّة في حين أن القدرة على التنبُّؤ مسألة معرِفيّة. وقد أتجه الفيزيائيّون بشكل تدريجي إلى توظيف مفهوم السببيَّة على نحو أكثر تحديدا، حتى أنهم اقتصروا في النهاية على اعتبار المعادلة المنطقية:
1 ثمّة وجودًا لقوانين شاملة.
2 الإنسان يقدر على تحديد مستقبل أي نظام فيزيائي باستخدام هذه القوانين.
هي ما يعبر عن مفهوم الحتميَّة، والذي أستخدم باعتباره مرادفا للسببيّة.
على أن هذا المفهوم للحتمية سرعان ما سيتعرض للنقد خلال القرن التاسع عشر، حيث جادلَ رينوفييه Renouvier على هذا الأساس مثلاً، في دقّة صحَّة مبدأ السببيّة بصفته منظمًا للعمليات الفيزيائية، وكذلك جعل تشارلز بيرس Charles Peirce عالم الفيزياء والرياضيات الأميركي، للصدفة دورًا أساسيًا في الطبيعة، حيث ذهب من طرفه للقول أنَّ العالم لا تحكمه فقط قوانين نيوتن الدقيقة بل تحكمه كذلك قوانين الصدفة.كما جادل بولتسمان Boltzman وإكسنر Exner وبوانكاريه Poincaré وآخرون، في الصِحّة المطلقة للحتميّة وتصوروا بالأحرى أن لقوانين الطبيعة طابعا إحصائيا.

غير أن علماء آخرين سينهضون بدورهم لمعارضة هذا التصور الإحصائي لقوانين الفيزياء، من هؤلاء على سبيل المثال نجد بلانك Planck ونيرنست Nernst وغيرهما، الذين أعتبروا مردّ مثل هذا التصور هو جهل الإنسان. على أنَّ الضربة القاسية الأولى التي وُجِّهَت للسببيّة سَدّدها لها مبدأ اللادقة أو "التشكك"،الذي صاغه العالم هايزنبرج Heisenberg والذي كان قد ذهب لتوظيف حزمةً موجيّة غُوسيّة لتمثيل الكيانات الفيزيائية المجهريّة وبتطبيق تحويل فورييه Fourier عليها حصل على العلاقة التالية:

حيث تمثل(Δx) و (Δp) التشكك في قياس الموقع xوكمية حركته p، وبينما يدل الرمز h على ثابت بلانك.2
و تفسير هايزنبرج Heisenberg لهذه العلاقة يقوم على إستحالة تحديد موقع الإلكترون وكمية حركته في آن واحد تحديدًا دقيقًا؛ وهو يقدم من ناحيته تفسيرًا وجوديًّا لهذه العلاقة، مما يعني ضمنًا بأنَّ هذا التفسير يهدم أساسات السببيّة. غير أن البعض قد يتصور بأنه من الممكن القول أن هذا السلوك الإحصائي يُخفي وراءه عالمًا تحكمه قوانين السببيّة. الأمر الذي يرفضه هايزنبرج بشكل مطلق. حيث يؤكد : "بما أنَّ الطبيعة الإحصائيّة لنظرية الكمّ ترتبط ارتباطًا وثيقًا بانعدام دقّة الإدراكات كافّة، فقد يميل المرء إلى الافتراض أنَّ وراء العالم الإحصائي المدرك لا يزال يكمن عالَمٌ يستند إلى السببيّة. بيد أنَّ مثل هذه التصورات تبدو بالنسبة إلينا، إذا شئنا الصراحة والوضوح، عقيمة لا معنى لها. حيث إنَّ ميكانيكا الكمّ تفرض انهيارا نهائيا للسببيّة".3 وفق ذلك فإنَّ علاقات التشكك لا تدلُّ، كما يرى، على جهلنا بقوانين السببيّة، بل إنّها تدلُّ على حُكم الصدفة في المجال الذرّي.

وقد رحّب الكثير من علماء الفيزياء والفلاسفة المشهورين بتفسير هايزنبرج Heisenberg لعلاقات التشكك، فقد رأى هؤلاء في اللاحتميّة التي يتّصف بها عالم الذرّات حلاّ لإشكالية حرّية الإرادة الإنسانيّة،وقد صاغ هؤلاء العلماء رأيهم على النحو التالي: بما أنَّ العمليات النفسيّة تعتمد على العمليات الفيزيائية التي تتصف باللاحتميّة فإنها لا بدّ أن تكون هي أيضًا لاحتميّة. وقد عَبَّر كومبتون Compton عن ذلك بقوله: "لم يعد مبرّرًا استخدام القوانين الفيزيائية كحجة ضد الحريّة الإنسانيّة"4. اماَّ ادينجتون Eddington فقد عبّر عن ذلك مؤكدا: "إذا كانت الذرّة تتصف بعدم الحتميّة فلا بُدَّ أن يتّصف العقل البشري بعدم الحتميّة بصورة متكافئة ، ذلك أنه لا يمكننا القبول بنظرية تجعل العقل أكثر آليّة من الذرّة"5. على أن أينشتاين Einstein لم يرَ أيَّ تعارض بين حكم السببيّة وحريّة الإنسان حيث يذكر:
"إنّه ليزعجنا ذلك التضارب بين النظرة السببيّة البحتة التي يتبنّاها سبينوزا Spinoza والنظرة التي تهدف إلى تحقيق جهد فعّال لخدمة العدالة الاجتماعية؛ فبالنسبة إليَّ لا يوجد أي تضارب في هذا المجال، ذلك أنَّ توتّراتنا الذهنية، وليست عواطفنا فحسب، بل أيضًا دافعنا لتحقيق نظام اجتماعي عادل، ترتبط بالعوامل التي تشترك، مع كلّ شيء آخر، في الرابط السببي".6

أمّا برتراند رسل Bertrand Russel فقد رحّب بداية عام 1927 باللاحتميّة التي يتّصف بها عالم الذرّات، حيث كتب: "إنَّ السبب الذي دفع الفيزياء إلى وقف البحث عن الأسباب هو أنّه لا توجد في الحقيقة مثل هذه الأسباب، فقانون السببيّة، فيما أعتقد، شأنه شأن الكثير الذي يُعتبَر مُرضيًا ويفي بالغرض لدى الفلاسفة، هو ما تبقّى من عصرٍ مضى، فإذا كان لايزال باقيًا فإنَّ بقاءه أشبه ما يكون بالملكيّة التي يفترض الناس خطأً بأنها لا تُلحِق الأذى بأحد".7

بيدَ أنَّه قد خامرته الشكوك لاحقا حول اللاحتميّة فكتب بعد ذلك يقول: "إنّه من المحتمل، بل أقول أنهّ من المحتمل جدًّا، أنّ القوانين الجديدة التي سوف تُكتشَف سوف تُلغي حريّة الذرّة المُفترَضة. قد يبدو كأني، في الوقت الراهن، مذنب بعدم توافُق حين أقوم بدحض الحتميّة أولاً ثمَّ دحض حريّة الإرادة ثانيًا. إن البحث عن القوانين السببية، هو حسبما رأينا، جوهر العلم ولذلك فإنَّ رجل العلم يجب عليه، من ناحية عمليّة بحتة، أن يفترض دائمًا بأنَّ الحتميّة تمثّل افتراضًا عمليًّا".8

أمّا ديراك Dirac فقد كان في البداية من أنصار اللاحتميّة، لكنه في السبعينيات من القرن الماضي تحدّث عن احتمال العودة إلى الحتميّة حيث يذكر: "يبدو جليًا أنَّ الميكانيكيا الكمية لم تصل بعد إلى صيغتها النهائية. حيث تحتاج إلى تعديلات إضافية، شديدة و صارمة، كالتعديلات التي تمت في سياق الانتقال من مدارات بور Bohr إلى ميكانيكا الكمّ. فذات يوم لا بدّ من اكتشاف ميكانيكا كمّ نسبي جديد لا توجد فيه هذه اللانهائيات إطلاقًا. ولعلّ ميكانيكا الكمّ الجديد سيتّصف بالحتميّة على النحو الذي أراده أينشتاين. وسيتم إدخال هذه الحتميّة على حساب التخلّي عن مفاهيم ومسلمات أخرى يؤمن بها علماء الفيزياء الآن وليس ممكنًا إدراك خطئها الآن، لذلك ففي ظلّ هذه الظروف، أعتقد أنّ من المرجّح بدرجة كبيرة، أو من الممكن تمامًا على أيّة حال، أنّ أينشتاين سوف يكون في نهاية المطاف على صواب رغم أنَّ علماء وطلبة الفيزياء يتوجب عليهم في الوقت الحاضر، القبول بتفسير "بور" Bohr للاحتمال وبخاصّة إذا ما كان عليهم اجتياز الامتحانات ".9

أمّا بوبر Popper فقد أشار في العام 1943 بأنَّ هايزنبرج Heisenberg قدّم حجة السببيًة للاستغناء عن وصوف سببيّة10 وقد كان أينشتاين مستعدًا لقبول نظرية الكمّ بصفتها نظرية إحصائيّة في شكل الميكانيكا الإحصائيّة الكلاسيكيّة، لكنه توقّع بأن تحلّ محلّ هذه النظرية نظريّة سببيّة وقال: "يجب أن أعترف بأنني لا أعطي لهذا التفسير أهمية كبيرة، فأنا لا أزال أؤمن بأنه بالإمكان الوصول نموذج عن الواقع، وأعني بذلك نظرية تمثّل الأشياء ذاتها وليس مجرّد احتمال وقوع هذه الأشياء11".

أمّا الفيلسوف الفرنسي ليون برونشفيك Leon Brunschwicg فقد نهض من طرفه للدفاع عن السببيّة، مؤكدا بأن السببيّة توجد في المجال الذرّي وأنّ اللاحتميّة التي تُرصَد على مستوى الكَمّ ليست سوى لاحتميّة ظاهرة تنجم عن الاضطراب بفعل القياس. وبالنسبة إلى جوهانس هايدي Heyde فقد اعتقد أنَّ علاقات التشكك أو اللادقة تعبر عن استحالة إثبات حكم السببيّة،لكن ليس على إمكانية إثبات عدم وجود السببيّة12.

التفسيرات السببيّة لعلاقات التشكك أو اللادقة:
هناك نوعان من التفسيرات لعلاقات اللادقة أو التشكك: التفسيرات الإحصائيّة والتفسيرات غير الإحصائيّة. وهذا التقسيم يتوافق مع الحقيقة القائلة بأنَّ من الممكن اعتبار الدالّة الموجيّة على أنها تمثّل حالة من نظام واحد أو مجموعة من أنظمة.

1- التفسيرات غير الإحصائيّة لعلاقات هايزنبرغ:
في هذا المجال تقدّم الدالّة الموجيّة وصفًا كاملاً لنظام واحد. وقد مثّل هذا موقف هايزنبرغ ومعظم زملائه. ولهذا التفسير صورٌ عدّة :
آ- لا يمكن قياس الموقع q وكمية الحركة المرافقٌِة له بدقّة أكثر مما تقبل به علاقات التشكك، ويرجع ذلك إلى أنّ قياس q يشوّش كمية حركة الجسيم بطريقة لا سبيل إلى السيطرة عليها. وعلى هذا، فليس ممكنًا قياس الاثنين معًا قياسًا دقيقًا في آنٍ معًا. ومثل هذا التفسير راسخ في البحث الذي قدّمه هايزنبرج عام 1927 وهو التفسير الذي نجده في معظم الكتب الدراسيّة. وقد تعرّض للنقد من أينشتاين وبودولسكي Podolsky وروزن Rosen الذين يُعرَفون اختصارًا بـ (EPR)وذلك في بحثهم الشهير الصادر في العام 1935. ففي تجربة (EPR) الذهنية، كان الممكن استنتاج كمية الحركة للجُسيم من دون تشويشه13. أمّا بور ففي دحضه لما ذهب إليه (EPR) الخاص بعدم اكتمال ميكانيكا الكمّ ، ذهب بالأحرى للقول أن من الممكن نسب صفة ديناميكية لنظام ما فقط في سياق قياس معيّن.14
ب- كمية الحركة والموقع غير قابلين للقياس في آنٍ معًا ذلك لأنَّ كلاً منهما يتطلّب ترتيبًا تجريبيًا مختلفًا.
جـ- علاقات التشكك تعبر عن جهلنا على المستوى الكمّي. إذ يعتقد بعض مؤيّدي هذا الموقف أنّ الشك الذي يتم رصده على المستوى الكمّي يرجع إلى جهلنا بمتغيّرات لسنا بقادرين في الوقت الراهن على بلوغها أو إدراكها. ففي عام 1932 رأى فون نويمان Von Neumann بأنَّ ليس من الممكن صياغة نظريات ذات متغيّرات خفية تعطي كلّ تنبّؤات ميكانيكا الكم15، مع ذلك فأن بوم Bohm تمكن لاحقا من صياغة مثل هذه النظرية عام 16.1952 والتي تمكنت من الكشف عن وجود بعض الثغرات في إعتراضات فون نويمان. وفي العام 1964 أثبت بيل Bell أنَّ أحد افتراضات فون نيومان ليس افتراضًا ملزما17. هذا وقد أضعف بوم Bohm هذا الافتراض بصورة ضمنيّة بصياغته لنظرية تبقي على السببيّة.

2- التفسيرات الإحصائيّة لعلاقات التشكك أو اللادقة:
في هذا المجال من الممكن الافتراض بأنّ الدالّة الموجيّة تَصِف سلوك مجموعة من أنظمة مُعَدّة بصورة متشابهة، فهذه الأنظمة متشابهة من وجوه معيّنة (تلك الجوانب هي موائمة لميكانيكا الكَمّ). وهذا التفسير هو الذي فضّله أينشتاين وبورن Born وبوبر Popper وبلوخينتسيف Blokhintsev. فأينشتاين، في مقاله الذي شارك به عام 1948، في الكتاب الجماعي الذي حمل العنوان "ألبرت أينشتاين: فيلسوف وعالم" قد أيّد هذا التفسير، حيث يكتب: " يتوصل المرء إلى مفاهيم نظريّة غير قابلة للتصديق إذا هو حاول إثبات الفرضيّة القائلة بأنَّ نظريّة الكمّ الإحصائية قادرة، من حيث المبدأ، على تقديم وصف كامل لنظام واحد. ومن جهة ثانية، فإنَّ صعوبات التفسير النظري تزول إذا تصوّر المرء الوصف الميكانيكي الكَمّي على أنّه وصف مجموعات من الأنظمة".18

أمّا فريتس بوب Fritz Bopp وهو عالمٌ فيزيائيّ ألماني، فيعتبر ميكانيكا الكمّ امتدادًا للميكانيكا الإحصائي الكلاسيكي. حيث هو يرى أن الجُسيمات لها مواقع وكميات حركة دقيقة في آن معًا19. أمّا روزنفيلد Rosenfeld فيزعم أنَّ بور Bohr يعتقد أن الدالّة الموجيّة تصف مجموعة من الأنظمة:
"لقد قامت مناقشات لا نهاية لها بين أجيال أصغر سنًّا فيما إذا كانت الدالّة الموجيّة تصِف إلكترونًا واحدًا أو مجموعة من الإلكترونات. فبالنسبة إلى بور Bohr، لم يكن هناك أيّ شكّ، فمن الجليّ الواضح أننا نتحدث عن مجموعة. فما إن ندخل الإحصاء حتى نبدأ بالحديث عن مجموعة لأنّ الإحصاء إنما ابتُكِرَ لأجل ذلك".20

و يرى بوبر Popper أنّ ميكانيكا الكمّ نظرية إحصائية لأنها تحاول الإجابة عن أسئلة إحصائية (كشدّة الخطوط المطيافيّة) وبذلك فإنَّ علاقات هايزنبرغ يجب تفسيرها على أنها "علاقات تبعثر"21، وهذه العلاقات تدلّنا على أنه ما من إعداد أو تحضير لحالة، يمكن أن يمنحنا مجموعة أنظمة تتماثل في كل جانب من جوانبها: فالدالّة الموجيّة تمثّل مجموعة من أنظمة معدّة متشابهة لكنها لا تمنح دليلاً حول أنظمة فرديّة. أمّا علاقات التشكك، فلا تدلّنا إطلاقًا على الدقّة التي يمكن بلوغها في قياسات معرفتنا أو حدودها. إنّها تدل على الحد الأدنى لتوزيع النتائج التجريبيّة أو الحدّ الأعلى لتجانس الحالات الكميّة. وهذا التوزيع ينجم عن إعداد الحالة ولا يمكن استبعاده. ويشير بوبر إلى علاقات هايزنبرغ على أنّها "مبدأ التبعثر الإحصائي". وقد دافع هنري مارجينو Henry Margineauعن هذا التفسير فاعتقد أنَّ من الممكن قياس المتغيرات المترافقة في آنٍ واحد22. أمّا بروجوفيكي Prugovecki وهو عالم فيزيائي روسي، فيؤيّد التفسير الإحصائي لميكانيكا الكَمّ، ويعتقد أنه بإدخال توزيعات إحتمالية معقدة إلى ميكانيكا الكَمّ فإنّ من الممكن تقديم توزيعات إحصائيّة للقياسات الآنيّة الخاصّة بالمتغيرات المترافقة23 .

وفي هذا المقام نذكر عاملين مهمين يتعلقان بالتفسير الإحصائي لميكانيكا الكَمّ:
-  إن التفسير الإحصائي لا ينفي وجود متغيرات كامنة، بل إنّه يشجّع على البحث عن هذه المتغيرات. ووفق ذلك، فمن منظور التفسير الإحصائي فإنَّ الحتميّة لا تُدحَض بالضرورة.

-  إنَّ التفسير الإحصائي يحلّ تناقض(EPR) فقد كان أينشتاين وبوم Bohm على استعداد لقبول التفسير الإحصائي لميكانيكا الكَمّ. لكنهما رأَيا فيه نقصًا أساسيًا، فهو يهمل مصير النظام الفردي، وكما يشرح بوم: "كثير من الناس لا يدرك إدراكًا كاملاً وعميقًا أنَّ ثمّة شيئًا ناقصًا، فهم معتادون على إجراء الحسابات الإحصائية إلى درجة كبيرة ويعلّقون أهميةً على الإحصاء وحده إلى حدّ أنهم لا يلاحظون أنّ هناك حقيقة فرديّة فعليّة لا يتم تفسيرها".24

اللاحتميّة أو انعدام الدقّـة:
يستند فهم علماء فيزياء الكَمّ للصدفة التي لا يمكن اختزالها في العالم الذرّي أو ما تحت الذرّي إلى حجتين:
1- حتى ولو كان هناك مستوى ما تحت الكمّ تحكم فيه الحتميّة، فليس هناك سبيل للوصول إليه. وعلى هذا فإنّه ينتمي إلى الغيبيات ووفق ذلك، فهو يخلو من أيّ مضمون تجريبي.
2- إنَّ دحض جون فون نويمان John von Neumann لنظريات المتغيّرات الكامنة لا يترك مجالاً للنظريات السببيّة.
فإذا رفضنا هاتين الحجّتين وتفسير هايزنبرج لعلاقاته المتعلّقة بمبدأ اللادقة حصلنا على الملاحظات التالية:

• قد تكون لعلاقات التشكك أو اللادقة تفسيراتٍ أخرى تختلف عن تفسير هايزنبرج الخاصّ (انظر مثلاً تفسير بوبر أو تفسير بوم).
• إثبات فون نيومان لا يخلو من ثغرات كما بيّن بيلbell .
• بورن Born اعترف صراحةً أنَّ دحضه للحتميّة كان دحضًا فلسفيًا أكثر منه دحضًا فيزيائيًا.
• إنَّ الزعم بحكم الصدفة في المجال الذرّي مؤسس على افتراض اكتمال نظريّة الكَمّ. وهذا الافتراض ساذج إلى أبعد الحدود، فلا يملك إي إنسان الحق في أن يدّعي انتهاء علم الفيزياء.
• ليس هناك حجّة مقنعة لإنكار مستوى تحت الكَمّ توجد فيه السببيّة بصورة قويّة.
• يستند استعمال الإحصاء لفهم الطبيعة على مبدأ مسبق، ففي واقع الأمر أنّ اعتماد قانون الأرقام الكبيرة يستند على حكم السببيّة، وبموجب ذلك، فقد ذهب بعض الفلاسفة إلى أنّه لا يمكن أن يكون للاحتمال معنى إلاّ في عالم تحكمه القوانين. وكما قال برونشيفكز Brunschwicsz : "حساب الاحتمال مؤسَّس على الحتميّة".25
• إنَّ اللجوء إلى اللاحتميّة من أجل تفسير حرّية الإرادة الإنسانيّة ليس صحيحًا. ذلك أنّنا حتى ولو بنينا اتّخاذ القرار على عمليات فيزيائيّة، فإنَّ ذلك نتيجة سلوك مجموعة جُسيمات تُرى بالعين المجرّدة وليس لجُسيم واحد، وعلى هذا فإنه حتى وفق النظرة المعيارية، فإنَّ السببيّة يجب أن توجد. ومن جهة ثانية، فإنّه حتى ولو لم تُثبت السببيّة الحريّة الإنسانية فإنها ليست نقيضًا لها، بل إنّها مساندة لها. لأننا لا نقدر، من دون إمكانية تطبيق السببية، على أن نعزو أو ننسب أيَّ عملٍ من الأعمال إلى فاعل.
• إنَّ مبدأ السببيّة مبدأ غيبي ولذلك فلا يمكن دحضه بالتجربة.
• إنَّ علاقات التشكك أو اللادقة لا تبرهن بأنّ الأشياء الذريّة لا تحمل إحداثيات وكميات حركة دقيقة، ولكي نصل إلى استنتاج هايزنبرج ينبغي إضافة افتراض مفاده أنّ الأشياء التي يمكن إخضاعها للملاحظة هي التي تكون لها حقيقة" واقعة".

على إنَّ بعض علماء الفيزياء الذين أنكروا السببيّة إنّما كانوا يرفضون بعض من نماذجها الأوليّة وليس السببية ذاتها، وقد عبّر بورن Born عن ذلك بقوله:
"إنَّ القول الذي غالبًا ما يردّد ومفاده إنّ الفيزياء قد تخلّت عن السببية، قولٌ لا أساس له كليًا. فالحقّ أن الفيزياء الحديثة قد تخلّت عن الكثير من الأفكار التقليدية أو عدّلتها، لكنها لا يمكن أن تكون علمًا لو أنها تخلّت عن البحث عن أسباب الظواهر".26ويُضيف بورن بأنّه يواجه مشكلةً بالتفسير الأصولي للسببيّة حيث يتسأل: "هل يمكن أن نقنع بقبول الصدفة –وليس السبب- على أنّها القانون الأسمى للعالم المادّي؟ إجابةً على هذا السؤال أقول بأن السببيّة، إذا ما فُهِمَت فهمًا صحيحًا، فلا يجب استبعادها، بل ما يجب استبعاده لا يعدو أن يكون تفسيرًا تقليديًا لها يقوم على مماثلتها بالحتميّة. لقد عانيتُ عناءً شديدًا لكي أبيّن أن هذين المفهومين ليسا مترادفين. فالسببيّة، وفق تعريفي لها، هي الفرَضيّة القائلة بأنّ موقفَين فيزيائيين يعتمد أحدهما على الأخر، وأنّ البحث السببي يعني اكتشاف هذا الاعتماد، وينطبق هذا على فيزياء الكَمّ رغم أنّ موضوعات الملاحظة التي يكون الاعتماد مطلوبًا لها موضوعات مختلفة، إنّها احتمالات الحوادث البسيطة وليست تلك الحوادث الفرديّة".27 وفق ذلك فإننا لا نرى هناك دليلاً مُلزِمًا لتفسير علاقات هايزنبرغ على أنّها دليل على حكم الصدفة في العالم الذرّي أو ما تحت الذرّي، بما يعني ضمنًا إخفاق الحتميّة في العالم المجهري.

إنّ معرفتنا الراهنة إنّما تُمَكِّننا من تفسير هذه العلاقات على أنّها تعني ضمنًا تأكد عدم الدقّة أو نقص اليقين في هذا المجال. و هناك احتمال كبير بأنه سيتم في المستقبل صياغة نظرية سببيّة خاصة بالعالم المجهري؛ حيث إنَّ تجدُّد الاهتمام في التسعينات من القرن الماضي بنظرية بوم Bohm وامتدادها لحلّ بعض الإشكاليات في علم الكون دليلٌ على عدم الرضى الذي يشعر به بعض كبار علماء الفيزياء من ميكانيكا الكَمّ المعياري. وقد عَبّر عن ذلك جيرارد تهوفت Gerard ‘t Hooft الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء بقوله.

"أن الأكثر معقولية هو التوقع بأنَّ العنصر الإحصائي في تنبُّؤاتنا سوف يتلاشى تماما في نهاية المطاف عندما نتوصل إلى معرفة كاملة للقوى المؤثرة، أي ما يسمى "نظرية كلّ شيء". وهذا يعني أنّ وصفنا الحالي يتضمّن عوامل وقوى متغيّرة لا نعلمها أو نفهمها بعد. على أنه و مهما يكن، فأنا أرى أنّ افتراض المتغيّرات الخفية لا يزال الطريقة المثلى لإراحة ضميري فيما يتعلّق بميكانيكا الكَمّ".28 إنَّ الافتراض بأنَّ انعدام النجاح في تقديم وصف سببي للظواهر الذريّة دليلٌ على حكم الصدفة في الطبيعة هو افتراض مؤذٍ من الناحية العلمية ويتنافى والمنطق، ذلك أنَّ نكران الحتميّة ليس سوى أحد تفسيرات ميكانيكا الكَمّ وليس تفسيره الوحيد. وقد عَبَّر عن ذلك ماريو بونجي Mario Bunge بقوله: "إنَّ الشك في المعرفة بعيد عن كونه دليلاً لا مواربة فيه للاّحتميّة أو الضبابيّة".29

إنَّ الشك هذا ليس سوى ارتيابا تجريبيا ولا يعني إخفاق السببيّة. ومن المفيد أن نتقيّد بنصيحة تومسون J. J. Thomson، الذي كتب: "إنَّ عدم قابلية القياس اليوم قد يكون قابلية للقياس غدًا. ومن الخطر أن نؤسّس الفلسفة على الافتراض القائل إنَّ ما لا أعلمه لا يمكن أن يشكّل معرفة قطّ".28

أما ما يقدّمه تفسير كوبنهاجن، فأنه يؤسس لقفزةً غير ضرورية من فرضيّة معرفيّة إلى فرضيّة وجوديّة. وقد عَبَّر عن ذلك جاكي Jaki بقوله: "إنَّ تفسير كوبنهاجن يعني الاستنتاج المغالط من فرضيّة عرض عمليّ بحت إلى عرض وجودي دقيق ويعني ذلك أنّ أي تفاعل لا يمكن قياسه، لا يمكن أن يُجرى بصورة دقيقة".30إنَّ الأمر الوحيد الذي نقدر على أن نقوله بصورة منطقية، أنّ معرفتنا في مجال واحد من مجالات العلم ناقصة فيما يخصّ القوانين السببيّة.

السببيّة من المنظور الإسلامي:
يُعرّف مبدأ السببيّة وفق الفلسفة الإسلاميّة على النحو التالي:“كلّ حدث يحتاج سببًا.” ويترتب عن هذا المبدأ نتيجتان:
1- الحتميّة: إنّ لكل حدث سببًا وافيًا، وبوجود هذا السبب يوجد الحدث.
2- اتساق الطبيعة: ويعني ذلك أن الأسباب المتشابهة تستتبع نتائج مماثلة.
ولا يمكن فصل هاتين النتيجتين عن مبدأ السببيّة العامّة وكلّ خروج عنهما يؤدي إلى الخروج عن مبدأ السببيّة. و يعترف القرآن الكريم بصحّة مبدأ السببيّة العامة. فعلى سبيل المثال، غالبًا ما تتحدّث الآيات القرآنية عن الأنماط الثابتة التي رسمها الله سبحانه وتعالى في الكون. “سُنَّةَ اللهِ في الَّذيْنَ خَلَوا من قبلُ ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْديلاً”[سورة الأحزاب- الآية 62].
كما أنه يجزم بأنَّ نظام الوقائع في الطبيعة يسير وفق قَدَرٍ معلوم وكلُّ مخلوقٍ أُوتيَ أجَلاً محددًا بحساب: “وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ عِندَنا خزائِنُه، وما نُنَزِّلْهُ إلاّ بِقَدَرْ معلومٍ” [سورة الحجر – الآية 21].
ويتضمن القرآن لوقفات كثيرة يرِدُ فيها ذِكرٌ لدور أسباب وسيطة معيّنة لحدوث بعض الوقائع. وَا“للّهُ أَنزَل مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا”[سورة النحل – الآية 65]. “وأرسلنا الرياحَ لَواقِحَ” [سورة الحجر – الآية 22].
إنَّ وجود أنماط معيّنة في الطبيعة دليلٌ على وجود نواميس طبيعيّة، وهذا يدلُّ بدوره على صحّة مبدأ السببيّة، على أنَّ هذا لا يعني أنَّ الوقائِعَ مستقلّةٌ استقلالاً تامًّا عن الله، بل يعني أنَّ كلَّ شيء يتحقَّقُ بإرادة الله لكن عن طريق أسباب ثانويّة معيّنة، ولعلَّ الشاهِدَ القرآنيّ التالي يُوضِّحُ ذلك: “والبلَدُ الطيّبُ يخرج نباتُه بإذن ربّه والذي خبُث لا يخرجُ إلاّ نَكِدًا، كذلك نُصرِّفُ الآياتِ لقومٍ يشكرون” [سورة الأعراف الآية 58].
ويعني ذلك أنَّ إرادةَ اللهِ، رغم ضرورتها لنموّ النبات، إلاّ أنّ خصب الأرض يُعَدُّ كذلكَ شرطًا. وقد استعمل بعض من كبار علماء الدين الإسلامي وبخاصّة الأشعريّون بعض آياتٍ من القرآن الكريم من مثل: “مسخّراتٍ بأمره” [سورة الأعراف – الآية 54] وكذلك بعض الآيات التي تدلّ على حدوث المعجزات لدحض حكم السببيّة في العالم المادّي، حيث يعيد هؤلاء كلّ حدثٍ لإرادة الله، فهم يرون أن العلاقة بين ما يُعتقَد أنه سببٌ وبين ما يُعتقَد أنه نتيجة، ليست علاقة ضرورية، ووفق ذلك، على سبيل المثال، فالنار ليست هي السبب في احتراق القطن بل الله هو الذي يجعل القطن يحترق، فإذا لم يشأ الله، فلن يحترق القطن31. واعتقدَ هؤلاء العلماء أنَّ الإقرار بأسباب ثانويّة يؤدي إلى إنكار قدرة الله.32
وقد قام الفلاسفة المسلمون بالرد على الفكر الأشعري بالاستناد إلى المعطيات التالية:
1- إنّ تزامن سببين يؤثران في شيءٍ واحد أمرٌ مستحيل، إذا كانت العلاقة بين السببين علاقة أفقيّة، لكن من الممكن -في نظام أسباب عمودي- أن تُنسَب كلّ واقعة لله، لأن الله يمنحها الوجود، بيد أنّ التحقق يتم عن طريق وسائل محدّدة.
2- بالنسبة إلى الكائنات الماديّة فإنَّ ما يُسمّى سببًا لا يمثّل سببًا كافيًا، بل إنّه سببٌ وسيط أو ثانوي يمهّد الطريق لعطاء الله.
ويشرح صدر الدين الشيرازي وجهة نظر الفلاسفة المسلمين قائلا: "ثمّة مجموعة أخرى من الفلاسفة ونخبة من الأئمة العلماء يعتقدون أنّ الأشياء تختلف من حيث قبولها بالوجود من الأصل. فالبعض لا يخضع للوجود ما لم يسبقهُ وجودٌ آخر على النحو نفسه الذي تتبع به الحادثةُ المادّة. وفق ذلك، فإنَّ الخالق الذي لا حدود لقدرته، يمنح الوجود وفق الإمكانات عن طريق نظام معين، واعتبارًا لقدرات معيّنة لهذا النظام. فالبعض يصدر مباشرةً من الله والبعض يصدر عن وسيط أو وسطاء، وفي الصيغة الأخيرة لا يمكن أن يوجد شيء ما لم تتحقق وسائله ومتطلباته المسبقة. والله وحده هو السبب بلا مسبب، ومتطلبات الوجود ليست نتيجة نقص في قدرة العليّ القدير، بل يرجع ذلك إلى ضعف في مُستقبِل الصدور أو الفيض. إذْ كيف يقدر المرء أن يتصوّر أيّة حاجة أو عجز في الخالق في حين أنّ الوسائل والطرُق كافّة صدرَت عن الخالق؟ ولذلك فالله تعالى لا يحتاج إلى أيّة واسطة لخلق أيّ شيء".33
أمّا بالنسبة للمعجزات، فرغم أنها تؤدي إلى هدم سياق قوانينن الطبيعة. لكن ذلك لا يعني أنّ القانون غير صالح أو أنّ قانون السببيّة قد تمّ الخروج عليه؛ ذلك أنَّ من الممكن جعل أحد القوانين عديم الأثر والفعالية بالاستعانة بقانون آخر من قوانين الطبيعة (مثلاً تحييد تأثير قوّة الجاذبيّة بفعل القوّة الكهرطيسيّة).المشكلة هي أننا لم نصل بعد إلى معرفة كافة قوانين الكون . مع حلول نظرية الكَمّ في الفيزياء وقبول مبدأ اللادقة أو التشكك لهايزنبرج على أنّه يعني حكم الصدفة في العالم الصغير (المجهري)، شرع بعض علماء المسلمين بإحياء نظرية الأشعريين المهجورة ولجؤوا إلى نظرية الكَمّ لدعم وجهة نظرهم 34 ، الأمر الذي نهض له بالنقد العلماء المسلمون المعاصرون ، الذين وظفوا في ردهم على هذا التصور، بالأحرى التحليل التالي:35
1- إنَّ إنكار مبدأ السببيّة في العالم الصغير يعني طمس هذا المبدأ بالنسبة للعالم كلّه، ذلك أنّ السببيّة تجعل الكون كلّه متماسكًا. أو كما قال الشابيستاري، الصوفي الفارسي: "إذا أزحتَ قطعةً واحدة من مكانها هوى الكون كلّه".
2- إنَّ تعميم نتائج عدد محدود من التجارب على القوانين العامّة لا يمكن أن يكون معقولاً إلاّ إذا وُجِدَ مبدأ السببيّة. وقد توسّع بلانك Planck في هذا الرأي قائلاً: "طبيعيٌّ أن يُقال إنَّ قانون السببيّة ليس سوى افتراض؛ فإذا كان افتراضًا، فليس افتراضًا كمعظم الافتراضات الأخرى، بل هو افتراض أساسي لأنه يمثل الفرضية التي تُعَدُّ ضروريةً لإضفاء المعنى والمنطق على تطبيق كافّة الافتراضات في البحوث العلميّة، ذلك أنَّ أيَّ افتراضٍ يدلُّ على قاعدةٍ معينة يفترِض مُسبقًا صحّة مبدأ السببيّة.36
3- إنَّ استحالة التنبُّؤ الدقيق في المجال الذرّي ينجم عن جهلنا بقوانين الحتميّة التي تحكم العالم الصغير، وقد يرجع ذلك إلى نقص في الأدوات التجريبيّة الضروريّة أو إلى عدم القدرة على قياس تأثيرات الراصِد على التجربة.
4- إنَّ إنكار مبدأ السببيّة يعني إنكار التحليل العقلي، وبما أنَّ أيّ برهان يُعتبَر السبب لقبولنا بالنتيجة المطلوبة، وإذا كان الرابط بين البرهان والنتيجة غير جوهريّ، فإن البرهان لا يمكن أن ينتهي إلى النتيجة. وفي هذه الحالة فما من شيء يمكن أن يكون نتيجة برهان كما أنَّ أي برهان قد يؤدي إلى أية نتيجة. واختصارًا فإنه يتوجّب على العلم القبول بمبدأ السببيّة حتى يصبح وجود العلم مُبَرَّرًا.