تاريخ جوزيف ستالين بدون رتوش



ستالين
جوزيف ستالين شابا
بدايات ستالين
على عكس مايدل عليه لقبه " ستالين، تعني الرجل الحديدي" كان ستالين ، في طفولته ضعيف صحيا ونفسيا. يوسف دجوكشفيلي Иосиф Джугашвили (فيما بعد ستالين)، ولد في 21 ديسمبر من عام 1879 في جورجيا. كان هو الابن الاول الذي نجح في تجاوز سنته الرابعة، وبقي على قيد الحياة. اخوته الثلاثة الاوائل ماتوا قبل ان يتجاوزوا العام الثالث. ستالين كان ضعيف ومعتل الصحة، لذلك كانت امه تحرص عليه كثيرا وترعاه. في بيئة جورجية شرقية تفترض ان يكون الصبيان " رجال"، كانت رعاية امه الزائدة تسبب له احراجا الامر الذي اثر على نفسيته كثيرا. [1]
كان والده السكير يتعيش على صناعة الزوارق في حين ان امه كانت تساعد في غسل الغسيل بالاجر، في بيوت العوائل المتوسطة. في صغره عانت عائلته بشدة في الازمة الاقتصادية التي مرت بها روسيا، في نهاية القرن التاسع عشر، وزاد الامر سوءا إدمان والده على الكحول. كان ستالين يتهرب من لقاء والده وغالبية وقته كان يقضيه في الطرقات، إذ ان والديه لم يكن لديهما وقت لتربيته. في السابعة من عمره اصيب بالحصبة التي بقيت اثارها على وجهه، وبسببها زاد تعرضه لسخرية الاطفال الذين اطلقوا عليه تعبير " بوكي" "pocky"، كما انه تعرض كثيرا للضرب. [1]

والدة ستالين كانت مسيحية مؤمنة ولذلك ، عام 1888، سعت لحصوله على مقعد في مدرسة الكنيسة المحلية. في الكتب الرسمية عن حياته، يجري الاشارة الى أنه:"   وعلى الرغم من مرضه تمكن من التفوق وحصل على منحة دراسية الى معهد تبليس للدراسات اللاهوتية، Tiflis Theological Seminary. " في حقيقة الامر قضى ستة سنوات في دراسته الاساسية، التي كانت تحتاج الى اربعة سنوات فقط. كان سبب تعثره يعود الى ان الدراسة باللغة الروسية، التي لم يكن يتقنها. في المدرسة الكنسية كان يسود نظام شبه عسكري، وعقوبات شديدة والكثير من التظاهر ومراقبة الاحداث اليومية التافهة. [2]
بعد انتهاء المدرسة الدينية انضم الى المعهد اللاهوتي، عام 1894. خلال فترة دراسته في المعهد انضم الى منظمة سرية تدعى Messame Dassy. (منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الجورجيين). كانت هذه المنظمة تطمح للاستقلال عن روسيا.  وبعض اعضاء هذه المنظمو كانوا من الاشتراكيين الديمقراطيين، ومن خلالهم حصل على اول تعارف له مع الافكار الماركسية.

عام 1899 جرى فصله من الدراسة اللاهوتية، وكانت هناك الكثير من التبريرات لهذا الفصل، ومنها " الغياب عن الامتحان بدون عذر"، [2] قرائته لكتب ممنوعة، وعدم احترامه لادارة المدرسة. لاحقا ادعى ستالين ان السبب الحقيقي لطرده كان محاولته كسب زملائه للفكر الماركسي. [3]
في عام 1931 وجه اليه الكاتب الالماني اميل لودفيغ السؤال التالي: مالذي دفعك في احضان المعارضة، لربما بسبب معاملة والديك السيئة لك؟
اجاب ستالين: لا، والدي لم يتعاملوا معي بشكل سئ، ولكن الامر لم يكن كذلك في المعهد الديني، حيث كنت ادرس. بسبب الهزء والتعنيف الصادرة عن المعلمين في اثناء المحاضرات كنت على استعداد، وبالفعل اصبحت من مناصري الماركسية". [4]
بعد طرده من الدراسة، بقي بضعة اشهر عاطلا عن العمل، وأحيانا كان يعطي دروس خصوصية لابناء الموسورين من الطبقة الوسطى. غير انه في بداية القرن التاسع عشر أصبح له شهرة في سرقة البنوك والشقاوة والارهاب والابتزاز [5]، الامر الذي اثر على شخصيته واصبح يستسهل العنف والتصورات السيئة عن الاخرين. [5][6][7]
حتى عام 1917 استخدم يوسف دجوكشفيلي مُعرفات عدة (ألقاب)، مثل بيسوشفيلي ، نيجيرادذه، تشيجيكوف، ايفانوفيتش. الى جانب لقب ستالين، كانت اشهر القابه كوبا Коба وتعني الذي لايقهر. في عام 1912 اصبح يستخدم لقب ستالين وحده. [8]

في عام 1903 انتسب الى حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي وبقي في روسيا لتنظيم نضال عمال الصناعة ضد القيصرية، في حين غادر غالبية قادة الحزب الى المنفى. في 10 ابريل من عام 1092 جرى اعتقال ستالين بعد ان قام بتنظيم اضراب في احد معامل باتومي. بعد 18 شهر في السجن جرى نفيه الى سيبيريا، ولكن بعد شهر واحد تمكن من الهرب للمرة الاولى وعاد الى تبليسي ومن ثم الى باطومي ( من اعمال جورجيا)، وهناك تعرف على روزينفيرد ( كامنيف)..
غير ان سكرتير لجنة باطومي للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي العمالي راميشفلي صار يشك بعلاقة لستالين بجهاز الشرطة السرية القيصرية، مما أجبر ستالين الى العودة الى تبليسي. [1] من أجل رفع الشبهة عن نفسه أرسل ستالين رسالة الى تسخاكايا عضو قيادة الاتحاد القفقازي للاشتراكيين الديمقراطيين الروس الذي طلب رأي ستالين ببرنامج المؤتمر الثاني لتجربته. كان رد ستالين مقال " كيف يمكن فهم السؤال القومي لدى الاشتراكيين الديمقراطيين" وهو مقال اعجب تسخاكايا. فيما بعد، عام 1931، لم ينسى ستالين راميشفلي، إذ جرى اعتقاله بتهمة الانتماء الى منظمات معادية للسوفييت وحكم عليه بالنفي الى اسيا الوسطى لثلاث سنوات. لاحقا أعيد له الاعتبار. [9]

Julius Martov
ماراتوف قائد المناشفة
في المؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي عام 1903 نشأ خلاف فكري بين قائدين كبيرين من قادة الحزب: لينين ويوليوس مارتوف (Julius Martov). كان لينين يدعو الى بناء حزب صغير من الثوريين المحترفين يحيط به جماهير واسعة من الاتباع والمؤيدين في حين ان مارتوف كان يدعو الى حزب كبير من النشطاء.

كان يوليوس ماراتوف يستند الى تجربة الاحزاب الاشتراكية في اوروبا، مثل حزب العمال البريطاني، لدعم حجته في حين اشار لينين الى ان ظروف روسيا مختلفة، إذ ان تشكيل حزب اشتراكي كان محظورا. في نهاية النقاش طرح الاقتراح الى التصويت لتأتي نتيجة التصويت 28-23 لصالح إقتراح مارتوف. غير انه لاسباب اخرى، غادرت بعض الوفود قاعة المؤتمر، مما أدى الى حصول لينين على أكثرية في وهو السبب الذي ادى الى ان مجموعته تصبح معروفة بالبلاشفة ( الاكثرية) في حين ان الذي بقي مع ماراتوف اطلق عليهم المناشفة ( الاقلية). وفي السنوات التالية ظهر بوضوح ان تنظيمات " المناشفة" كانت هي الاقوى شعبيا وفازت في الدوما البرجوازي على البلاشفة عام 1905 ، وحتى في السوفيتات، غير ان البلاشفة، ردوا على ذلك، بسحقهم جسديا.

ستالين وقف الى جانب البلاشفة إضافة الى قادة اخرين مثل فيليكس دزرجينسكي و ناديجدا كوربسكايا في حين ان قادة مثل ليون تروتسكي، جورج بليخانوف وقفوا الى جانب ماراتوف.

في عام 1904 هرب ستالين من سيبيريا، ليعود الى قيادة المظاهرات في تبليسي. كان لينين مُعجب بنجاحات ستالين في جورجيا فدعاه الى لقاء عام 1905. بعد اللقاء انتقل للعمل الحزبي في روسيا، وفي عام 1906 اصبح مندوب المؤتمر الرابع للحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وفي عام 1907 كان مندوب في المؤتمر الخامس. وعلى مدى السنوات الثمانية التالية أُعتُقِلَ خمسة مرات وفي كل مرة كان يتمكن من الهرب سريعا.

في عام 1911 انتقل الى مدينة سانت بطرسبورغ ليصبح محررا في جريدة برافدا. كانت الظروف السياسية مضطربة للغاية والعائلة المالكة واقعة تحت ضغط سياسي شديد. . في عام 1913 جرى اعتقاله مجددا وحكم عليه بالسجن المؤبد وأرسل الى شمال سيبيريا. غير ان الامور لم تطول حتى تغيرت الحكومة الى حكومة انتقالية وطنية، كبلت صلاحيات القيصر، وقام رئيس الوزراء الجديد بإصدار عفو شامل عن جميع السجناء السياسيين. عاد ستالين الى عمله كمحرر في جريدة برافدا في مدينة بطرسبورغ. في ذلك الوقت، كان ستالين، مثله مثل غالبية البلاشفة، يعتقد ان الروس ليسوا مهيئين لثورة اشتراكية، لقد أيد الحكومة المؤقتة. [10]

لينين
فلاديمير لينين الشاب
عندما عاد لينين الى روسيا، 3 ابريل 1917، بمساعدة نشطة من المانيا، نشر " مقالة نيسان" هاجم فيها البلاشفة لدعمهم حكومة وطنية انتقالية. كانت حجة لينين ان على البلاشفة تحريض الناس على الثورة وإستلام السلطة. كان لينين يدعو الى إستعادة البلاد من سلطة كبار الاغنياء وان على العمال السيطرة على المعامل.

اتهم لينين البلاشفة الذين بقوا يؤيدون حكومة انتقالية وطنية بخيانة الطبقة العاملة، وبأن عليهم ترك الحزب. بعض البلاشفة ردوا على لينين ان توجيه الناس نحو الثورة في هذا الوقت سيفشل وسيؤدي الى إعادة روسيا نحو حكم اكثر تشددا ومركزية وديكتاتورية.
ستالين كان في موقف صعب. كمحرر في جريدة البرافدا كان واعياً انه، جزئيا، يتحمل المسؤولية عن خط الحزب الذي وصفه لينين بتعبير :" خيانة الاشتراكية" كان ستالين يقف امام خيارين: إما تحدي لينين ، بما فيه على قيادة الحزب، أو الانكفاء وموافقة لينين وتقديم الولاء له.

بعد عشرة ايام من الصمت قام ستالين بإتخاذ موقف. لقد كتب مقالة في البرافدا بعنوان " ماذا علينا العمل؟"، دعا فيها الى مقاطعة التعاون مع الحكومة الانتقالية. كما انه أدان الرفاق اليكسندر كيرينسكي وفيكتور تشيرنوف. (Alexander Kerensky and Victor Chernov ) واتهمهم بالثورة المضادة، ودعا الفلاحين الى مصادرة الاراضي. [11]

---------------------------------------------------------------

1- Рыбас С. Ю. Сталин. — 2-е изд. — М.: Молодая гвардия. 2010. — стр. 10, с. 11, 16.
2-Tiflis Theological Seminary
3-Сталин И. В. Сочинения. Т. 13. — . — М.: Государственное издательство политической литературы, 1951 г., — с. 113.
4- Беседа Сталина с писателем Эмилем Людвигом // Огонёк, № 23, 1932
5- Discovery Civilization Иосиф Сталин, цикл документальных фильмов Величайшие злодеи мира в истории. 2 минуты 30 секунд
6-Кандидат психологических наук, член Европейской Ассоциации Психотерапии Александр Сосланд о паранойе Сталина
7- СТАЛИНСКАЯ ГОСУДАРСТВЕННАЯ РЕПРЕССИВНАЯ ПОЛИТИКА
8-Похлёбкин В. В. Великий псевдоним.ТОО «ЮДИТ», КП «Алтай», — 1996, 158 с.
9- Жертвы политического террора в СССР
10-Ричард Пайпс. Русская революция. Книга 2. Большевики в борьбе за власть 1917—1918.
11-А. А. Чернобаев. Сталин Иосиф Виссарионович / Политические деятели России 1917 г. Биографический словарь. — М.: Большая Российская энциклопедия, 1993 г., 432 стр.


الحزب يستلم السلطة
عام 1917 كافئ لينين ستالين على دعمه في ثورة اكتوبر ومنحه منصب قوميسار شؤون القوميات. مزح لينين مع ستالين قائلا:" ان ينتقل المرء بسرعة من تحت الارض الى قمة السلطة تجعل المرء يشعر بالدوران". منذ تلك اللحظة اصبح مصير 65 مليون انسان من سكان روسيا تحت مسؤولية ستالين، لمجرد انه كان يكتب عن الاقليات وقام بدعم لينين في مواقفه. ان تصبح الوظيفة مكافأة للولاء درس لينيني لن ينساه ستالين ابداً. [1]

كان البرنامج السياسي للبلاشفة تجاه الاقليات القومية يقوم على إعطاءهم حق تقرير المصير وحق الادارة الذاتية. هذا الموقف ازداد وضوحا بعد خطاب ستالين في فنلندا، بتاريخ 17 نوفمبر عام 1917، حيث وعد ان السلطة السوفيتية ستقبل:" حرية تامة للشعب الفنلندي ، ولبقية الشعوب في روسيا، في تنظيم حياتهم". كانت خطة ستالين، تحت ضغط لينين، تطوير ماأسماه:" إتحاد متكافئ، وعلى اساس الارادة الحرة" بين روسيا وجميع القوميات والاقليات الاثنية التي تعيش ضمن حدودها. [2] أصبح ستالين يعتبر خبيرا بالقوميات، بعد كتابته،وبتكليف من لينين، كراس "الماركسية والمسألة القومية، عام 1912. (بعض المؤرخين يشككون في نسب هذا التراث الفكري الى ستالين، ويدعون ان ستالين قام بالتزوير ونسب الكتابات الى نفسه بعد استلامه السلطة، وان الكراس، في حقيقته، من كتابات لينين) [3] يعزز هذا الاعتقاد ان مراسلات جرت بين كانييف وستالين، في اجتماع للجنة المركزية، تشير الى ان ستالين كان على الدوام ضد تضمين حق تقرير المصير، بما فيه الاستقلال التام، ضمن اعلان حقوق القوميات، وكان يطمح الى بناء قومية سوفيتية واحدة. [9]
لاحقاً، بعد انتصار الثورة البلشفية، ومن منصب قوميسار القوميات أصدر "أعلان حقوق شعوب روسيا" والذي ينص على حق جميع شعوب روسيا بتقرير مصيرها بما فيه حق الانفصال، وحقها في تطورها الثقافي والاثني الحر على اراضي روسيا، وهي الحقوق التي نكث بها ستالين لاحقا، أو بالاحرى تراجع عن فكر لينين، وفرض فكره، بعد ان لم يعد من الضروري مراعاة لينين. [4]

في السنوات اللاحقة واجه ستالين صعوبات في السيطرة على الاقليات الغير روسية، التي انطلقت من الوعد الذي يعطيهم حرية تامة في تقرير المصير. قسم منهم اعلنوا الاستقلال التام بدون الرجوع اليه، كما كان الحال مع فنلندا واذربيجان. وغالبا كانت حكومات هذه الكيانات الجدبدة معادية للبلاشفة. كان ستالين يأمل ان هذه الحكومات، وبإرادتها الحرة، ستوافق على الاتحاد مع روسيا لبناء اتحاد من الدول الاشتراكية. عندما لم تتحقق تمنياته أعاد ستالين صياغة تعريفه لحق تقرير المصير، قائلا:" حق تقرير المصير ليس للبرجوازية وانما لجماهير الشغيلة في القومية المعنية". بمعنى اخر، إذا كان حق تقرير المصير ليس غايته الاتحاد مع روسيا الاشتراكية، فإن البلاشفة لن يسمحوا بحق تقرير المصير. [5]

لينين ايضا غير رؤيته لمسألة حق تقرير المصير. أنه يستنتج:" النظام الاقتصادي الجديد يفرض درجة عالية من تركيز السلطة في المركز". تغير موقف القيادة المركزية يوضح اسباب ان فنلندا وحدها تمكنت من اعلان استقلالها، في حين جرى قمع استقلال جمهوريات اسيا الوسطى. [5]
من المثير انه جرى قمع حتى استقلال جمهورية جورجيا الذي جرى اعلانه 26 مايس عام 1918 من قبل المناشفة، لتؤسس " جمهورية جورجيا الديمقراطية المستقلة". في عام 1921 اجتاح الجيش الاحمر حدود هذه الجمهورية وضمها الى الاتحاد السوفيتي بالقوة.

خلال فترة الحرب الاهلية لعب ستالين دورا إداريا هاما في القضايا العسكرية وحصل لنفسه على شرف الانتصار على الجيش الابيض. احدى الاستراتيجيات التي يعود لستالين فضل القيام بها شخصيا وتطويرها، هو القيام بإستنطاق أعضاء الادارات المحلية على رصيف خشبي طائف على سطح نهر الفولغا، يبحر على طول مجرى النهر ليقف عند القرى الواقعة على ضفافه. فيما بعد، هناك من أدعى أنه إذا لم يقتنع ستالين بولائهم التام كان يجري رميهم بالرصاص وقذفهم في النهر.

تصفية المناشفة والتيارات الاشتراكية والاستفراد بالسلطة
بعد ثورة اكتوبر واستلام الحزب للسلطة (بعض القوى تسميها الانقلاب الثوري)، بدأت تجربة إرهاب كافة انواع المعارضة القادمة من تيارات اليمين واليسار على السواء. تحت ضغط نقابة عمال الخطوط الحديدية اضطر لينين للخوض في محادثات من اجل تشكيل حكومة وطنية اشتراكية عوضا عن الحرب الاهلية على القوى المعارضة، غير ان المحادثات فشلت. وبنتيجة تعادل القوى بين وفود مؤتمر مجالس سوفيتات فلاحي عموم روسيا، توصلوا الى اتفاق بضم 108 عضوا الى الاتحاد المركزي للجان التنفيذية للفلاحين والعمال والجنود، لعموم روسيا. بنتيجة ذلك اصبح حزب الاسيرين ( الاشتراكيين الثوريين اليميني) اعضاء في الحكومة. غير انه في 14 يونيو من عام 1918 جرى توجيه الاتهام الى الاسيرين والمناشفة بالتحضير لانتفاضة مسلحة، على نمط مافعله البلاشفة في اكتوبر، لتكون الحجة لاصدار القرار بعزلهم من جميع مناصبهم في جميع السوفيتات، ومن كل المستويات، والتفرد بالسلطة. في موسكو وبتروغراد، بدأت حملات من الاعتقالات ضد حركة " اجتماع مفوضي المعامل والورش" ، حيث ان اللجنة المركزية التنفيذية قررت التركيز عليهم وتصفيتهم بعد تطهير السوفيتات من المناشفة والاسيرين. [6] غير انه في 30 نيابر من عام 1919 غيرت اللجنة المركزية التنفيذية قرارها من 14 يونيو، بشأن المناشفة، بسبب " أن هذا الحزب، على الاقل من خلال قادته المركزيين، رفضوا التحالف مع الاحزاب البرجوازية الروسية والاجنبية". بالمقابل رد المناشفة بالدعوة الى" التضامن مع الحكومة السوفيتية لكونها تسعى الى تحرير الاراضي الروسية من السيطرة الاجنبية وتقاوم جميع المحاولات الغير خاضعة للديمقراطية البروليتارية، لتوسيع او الحفاظ على هذا النفوذ". [6]

غير انه في نهاية اذار من عام 1919 بدأت حملة جديدة من الاعتقال في صفوف المناشفة. في عام 1920 اصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قرار يًلزم جميع القوميساريات بنفي المناشفة " العاملين في القوميساريات او القادرين على لعب دور نشيط" الى الاقضية والمقاطعات البعيدة. غير ان هذا القمع ادى الى زيادة شعبية المناشفة. في انتخابات مجالس السوفيت في خاركوف فاز المناشفة بكثرة. لذلك صدر قرار عن اللجنة المركزية عام 1921 " حول المناشفة" [7] يمنع السماح لهم بأي نشاط سياسي، ويشير الى ان لهم تأثير قوي في المراكز الصناعية، كما طالب بمنعهم من ممارسة مناصب قيادية وصلوا اليها بطريق الانتخاب او اي منصب يسمح بهم بالاتصال بالجماهير. بنتيجة الارهاب الواسع ضد المناشفة بدأ المناشفة بالهجرة الى المنفى واتخ1ذت المنظمة قرارا بالتحول الى العمل السري. [7]

الاعدامات الجماعية
خاركوف، المنظر خارج مبنى التشايكا، 1918
عام 1918 جرى اغتيال Moisei Uritsky, رئيس البوليس السري في مدينة بتروغراد. بعد اسبوعين من ذلك قامت الثورية الاشتراكية دورا كابلان Dora Kaplan بمحاولة اغتيال لينين وتمكنت من جرحه. ستالين الذي كان في في ذلك الوقت في مجمع تساريتسينو قرب موسكو ، أرسل تلغراف، طلب فيه "البدء في إرهاب جماعي منظم للمسؤولين عن هذه الافعال". نصيحة ستالين جرى قبولها ، وفي سبتمبر من عام 1918 قاد فيليكس دزيرجينسكي Felix Dzerzhinsky, ، رئيس التشايكا (الامن السري)، الارهاب الاحمر. حسب التقديرات، جرى إعدام 800 إشتراكي بدون اية محاكمة.
الحرب الاهلية، التي اشتعلت للاستيلاء على السلطة من الحكومة الوطنية المؤقتة، لتحويل الدولة الى دولة سوفيتات، أدت الى خراب الزراعة والصناعة ووقوع ملايين الفلاحين في قبضة المجاعة واجتاحت البلاد المظاهرات والاضرابات والعصيان ضد حكومة لينين. من أجل السيطرة على الموقف ومحاولة إستعادة ثقة الفلاحين، أصدر لينين " خطة النيب" بتفاصيلها الاقتصادية. على اساس السياسة الاقتصادية الجديدة، سُمح للفلاحين ببيع محاصيلهم في الاسواق مباشرة، بعد أن كانت السلطة السوفيتية تصادر محاصيلهم بكاملها مقابل اثمان بخسة. كما اصبح من حق الفلاحين استئجار قوة العمل. [8]

والسياسة الجديدة سمحت بحرية نسبية اكبر للتجارة الداخلية والسماح بأنواع من التجارة الخاصة في محاولة لخلق التوازن في ميزان الدفع الحكومي. والمعامل التي تشغل اقل من 20 شخصاً رفع عنها قرار التأميم وأصبح من حق ملاكها السابقين المطالبة بها.

ستالين والاستيلاء على قيادة الحزب
ستالين دعم سياسة لينين. كان رأيه انه، طالما أنه يوجد نظام الحزب الواحد فليس من مانع بالسماح للشركات الخاصة الصغيرة. آشار:" السياسة الاقتصادية الجديدة هي سياسة خاصة للدولة البروليتارية جرى استنباطها للتعامل مع الرأسمالية مع الاحتفاظ بالمواقع الرئيسية في يد الدولة البروليتارية".

الصراع من أجل أقناع الرفاق بالسياسة الاقتصادية الجديدة ( النيب) انهكت قوى لينين خصوصا وانه حالته الصحية، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، لم تكن على مايرام. كان يحصل على ساعات قليلة من النوم وأصبح يعاني وجع الرأس المزمن والأرهاق. لذلك شعر بالحاجة الى من يعينه على إدارة الحزب الشيوعي.

في مؤتمر الحزب الحادي عشر، المنعقد عام 1922 اقترح لينين أنشاء منصب السكرتير العام. كان ستالين هو مرشح لينين لهذا المنصب، إذ أنه يملك تاريخ طويل من الولاء لسياسات لينين. المنافسين لستالين لم يروا في هذا المنصب أية أهمية ، إذ رؤا فيه مجرد ناطق رسمي للينين، ودعموا تنصيب ستالين.

مباشرة بعد المؤتمر دخل لينين المستشفى لاجراء عملية استخراج رصاصة من جسمه، كانت باقية منذ محاولة الاغتيال. كان الامل ان ذلك سيساعد على تحسين صحة لينين. ولكن بعد فترة قصيرة اصيب لينين بجلطة دماغية، أدت الى إصابته بشلل في الجانب الايمن، ولبعض الوقت فقد القدرة على الكلام. وفجأة أصبح " الناطق الرسمي" مهم للغاية.

تعطل قدرات لينين استغلها ستالين الى اقصى الحدود. من مؤتمر الحزب حصل على سماح بتنظيف الحزب من الاعضاء "الغير مرضيين". هذا الامر سمح لستالين بفصل الاف الاعضاء الموالين لتروتسكي، الذي كان المنافس الرئيسي له على قيادة الحزب. وكسكرتير عام، إمتلك ستالين الصلاحيات لعزل وتعيين أعضاء في مراكز مهمة في الدولة. الاعضاء الجدد كانوا واعيين تماما انهم يدينون بالفضل لستالين شخصيا. كما انهم كانوا على علم ان عدم الولاء لستالين سيعني تبديلهم بأخرين.

وصية لينين، أو " رسالة الى المؤتمر"
محاطا بإتباعه، بدأت ثقة ستالين بنفسه تنمو بسرعة. في اكتوبر من عام 1922 كان ستالين معارضا لرأي لينين حول التجارة الخارجية. عند نقاش المسألة في اللجنة المركزية جرى الموافقة على رأي ستالين وليس لينين. بدأ لينين في القلق من سيطرة ستالين على قيادة الحزب. لقد كتب لينين الى تروتسكي يطلب دعمه. تروتسكي وافق مع لينين وفي الاجتماع التالي للجنة المركزية انعكس موقف اللجنة حول موضوع التجارة الخارجية. لينين، الذي لم يحضر الاجتماع بسبب مرضه، كتب الى تروتسكي يهنئه ويعده انه في المستقبل سيتعاونون ضد ستالين.

كانت زوجة ستالين، Nadezhda Sergeevna Alliluyeva, تعمل في مكتب لينين، وبسرعة اطلعت على محتويات الرسالة الموجهة الى تروتسكي ونقلت محتواها الى ستالين. في لحظة غضب ستالين مسك سماعة التلفون واتصل بزوجة لينين، ناديجدا كروبسكايا، متهما اياها بالتهاون في الحفاظ على صحة لينين بسماحها له بكتابة رسائل.

كروبسكايا اخبرت لينين بالمخابرة التلفونية، وقد توصل لينين الى استنتاج الى ان ستالين ليس الشخص المناسب ليخلفه في قيادة الحزب. كان لينين يعلم انه على حافة الموت ليكتب رسالة أعتبرها البعض وصيته الاخيرة، طلب من زوجته ارسالها الى المؤتمر الثالث عشر للحزب، ممتلئة بآراءه عن شخصيات ثلاث من كبار القادة في الحزب، ستالين، تروتسكي وبوخارين. [10]

في الرسالة عبر لينين عن قلقه البالغ من اسلوب ستالين وقدراته السلطوية وأقترح ابعاده عن القيادة، في النص الذي جرى قرائته في جلسة مغلقة ومنع من النشر. حسب النص الذي قرأه خروتشوف، امام المؤتمر العشرين للحزب، كتب لينين يقول:" ستالين فظ للغاية، وهذا من نواقصه، يمكن ان نتحمل ذلك، في العلاقة بيننا، نحن الشيوعيين، ولكن، ذلك غير مقبول لمن في منصب السكرتير العام. لذلك اقترح نقله من منصبه وتعين شخصا اخر عوضا عنه، اكثر تسامحا، أكثر ولاء، أكثر لطفا وأكثر اهتماما بالرفاق وأقل تأففا. هذه الامور قد تبدو للبعض من الصغائر، ولكن من زاوية الابتعاد عن الانهيار، ومن ناحية ماوصفته عن العلاقة بين ستالين وتروتسكي، ليست صغائر، أو بالاحرى انها صغيرة يمكن ان تكون ذات نتائج حاسمة". [11]

ستالين قدم استقالته للمؤتمر، غير ان كامينوف Каменев اقترح التصويت على الاستقالة. غالبية الاعضاء صوتوا لصالح بقاء ستالين عدا تروتسكي ومجموعته، وهو الامر الذي لم يغفره لهم ستالين ابداً. كما جرى التصويت على جعل الرسالة سرية وعدم نشرها او تسجيلها في وثائق المؤتمر أو أستخدامها كمرجع. للمرة الاولى جرى استخدامها في خطاب خروتشوف على منصة المؤتمر العشرين للحزب، عام 1956.

تشييع لينين
الرفاق يشيعون لينين
ومهما كان الامر مات لينين قبل اتخاذ اي قرار. الان اصبح ستالين قائد السوفيتات. في البداية استمر على سياسة لينين الاقتصادية. كان مسموحاً للمزارعين ببيع محاصيلهم في الاسواق مباشرة ويسمح لهم بإستئجار الاجراء. والمزارع الذي تطور وازداد حجم نشاطه صار يطلق عليه تعبير كولاك.

عام 1928 بدأ ستالين بالتهجم على الكولاك لعدم تزويدهم مايكفي من الطعام لعمال المعامل. كانت خطته الجديدة تقضي ببناء تعاونيات زراعية من أجل نزع الفلاح من ملكيته، كبرجوزاي صغير، وتحويله الى عامل زراعي، بروليتاري. كانت الفكرة تقوم على حث الفلاحين الصغار على الاتحاد في كيانات تعاونية لتصبح وحدات صناعية كبيرة. بذلك ستكون قادرة على إمتلاك المكائن الضرورية لمكننة الزراعة وزيادة الانتاج. غير ان الفلاحين الصغار كانوا يحبون حريتهم ورفضوا الدخول في تعاونيات جماعية حكومية ليصبحوا مأجورين.

غضب ستالين من " قصر نظر الفلاحين" وانهم يضعون مصلحتهم الشخصية فوق مصلحة (الحلم الاشتراكي الممكنن). بنتيجة ذلك حصل قادة الحزب الشيوعي المحليين على اوامر بمصادرة اراضي صغار الفلاحين والكولاك، لتنتهي مرحلة الملكية الخاصة للارض الزراعية تماما. والاراضي المصادرة اصبحت جزء من كولخوزات هائلة نشأت في جميع انحاء الدولة السوفيتية. مئات الاف الكولاك جرى اعدامهم وبضعة ملايين، ( حسب التقديرات 5 ملايين)، جرى نفيهم الى سيبيريا او اسيا الوسطى. ربعهم كانوا امواتا عند الوصول الى المحطة الاخيرة.

تروتسكي
ليون تروتسكي
بعد وفاة لينين تحالف ستالين مع جناحين من اجنحة اقصى اليسار في المكتب السياسي، زينوفيف وكامنيف , Gregory Zinoviev and Lev Kamenev, ( أعدمهم لاحقا) من أجل ابقاء عدوه السياسي ليون تروتسكي معزولا وبدون سلطات. كلا من الرجلين كان لديهم من الاسباب للاعتقاد ان تروتسكي سيقوم بعزلهم إذا صارت له صلاحيات. ستالين زاد من مخاوفهم لجذبهم للتحالف معه. إضافة الى ذلك اشار ستالين، في حجته، الى ان الرفاق الاقدم، مثل زينوفيف وكامينيف، لديهم الاحقية في قيادة الحزب بالمقارنة مع رفاق انضموا الى الحزب متأخرين، كما هو حال تروتسكي الذي انضم للحزب عام 1917. ( فيما بعد نسي ستالين هذه النصيحة)

ليون تروتسكي اتهم ستالين بأنه يبني الديكتاتورية داخل الحزب وطالب بقواعد ديمقراطية في الحزب. زينوفيف وكامينيف تكتلوا الى جانب ستالين واتهموا تروتسكي بأنه يعمل على شق الحزب.
الامل الاخير لتروتسكي للحصول على صلاحيات القيادة كان يقوم على نشر " وصية لينين". في عام 1942 طلب لينين من زوجته كروبسكايا ان توصل رسالته الى اللجنة المركزية لتنشرها على أعضاء الحزب. غريغوري زينوفيف وقف ضد نشر الرسالة على الحزب. في نهاية كلمته قال:" انتم شهدتم على الانسجام الذي يسود بيننا في الاشهر الاخيرة، سيأتي الوقت لتقولوا، كما أقول انا، ان قلق لينين لم يكن له مبرر". في النتيجة، اعضاء اللجنة المركزية الجدد، الذي كان لستالين دورا في وصولهم الى مناصبهم، صوتوا لصالح عدم نشر وصية لينين.

-------------------------------------------------

1- Joseph Stalin
2-А. А. Чернобаев. Сталин Иосиф Виссарионович / Политические деятели России 1917 г. Биографический словарь. — М.: Большая Российская энциклопедия, 1993 г., 432 стр.
3-Isaac Deutscher Stalin, A Political Biography (1966) s166–167
Dmitrij Volkogonovs Stalin: Triumph and Tragedy (1990): "His name does not occur in any document relating to those historic days and nights".
Jonothon Lewis & Phillip Whitehead; Stalin: A Time for Judgement (1990)
4-Декларация прав народов России // Большая советская энциклопедия / Под редакцией А. М. Прохорова. — 3-е издание. — М.: Советская энциклопедия, 1969—1978.
5-Joseph Stalin
6-المناشفة
7- Постановление политбюро РКП(б) «О меньшевиках», принятое в декабре 1921 года, предписывало «политической деятельности их не допускать, обратив сугубое внимание на искоренение их влияния в промышленных центрах. Самых активных высылать в административном порядке в непролетарские центры, лишив их права занимать выборные должности, вообще должности, связанные с общением с широкими массами». Через месяц, вернувшись к этому вопросу, политбюро решило: «Репрессии против меньшевиков усилить и поручить нашим судам усилить их».
8- Гражданский кодекс РСФСР 1922 г.
9-Сталин как нарком по делам национальностей
10-Впервые оно было оглашено Н. С. Хрущёвым на XX съезде КПСС в 1956 году.
11-ЭТОТ «ЗЛОЙ» СТАЛИН


ستالين وتصفية رفاق الحزب
في عام 1925 عزز ستالين سيطرته على اجهزة الحزب بحيث سمحت له بالتعرض لتروتسكي وعزله من مناصبه الحكومية. بعض اتباع تروتسكي عرضوا على تروتسكي القيام بإنقلاب عسكري، إذ كان تروتسكي قوميسار الجيش، ولذلك كانت لديه القدرة على القيام بالانقلاب. غير ان تروتسكي رفض العرض وترك منصبه.

ستالين
ستالين منتصرا
مع غياب تروتسكي لم تعد هناك حاجة لدى ستالين للتشارك بالسلطة مع ليف كامينيف وجريغوري زينوفيف. والان بدأ ستالين بالتهجم على فكرة تروتسكي بضرورة الثورة العالمية. كان يركز على ان من اولويات الثورة الروسية هي حماية الثورة الاشتراكية وتطورها في روسيا، إذ ان لينين قد اشار الى إمكانية انتصار الثورة الاشتراكية في دولة واحدة. هذا الامر وضع كامينيف وزينوفيف في وضع محرج. لقد كانوا على الدوام من اتباع الثورة العالمية، على اساس أنه إذا لم يمكن تصدير الثورة الى العالم فإن النظام السوفيتي يصبح في خطر، وسيبقى محاصرا من النظام الرأسمالي حتى يسقط. غير انهم لم يملكوا الرغبة للدفاع عن قناعاتهم السابقة لكي لاتصب في صالح تروتسكي الذي وقفوا ضده فترة طويلة وكانوا من اسباب ابعاده.

عندما تأكد ستالين ان كامينيف وزينوفيف ليست لديهم الرغبة للتعاون مع تروتسكي ضده، بدأ بالدعم العلني للسياسة الاقتصادية التي يرفعها الخط اليميني في المكتب السياسي من امثال بوخارين، تومسكي، ريكوف. Nikolay Bukharin, Mikhail Tomsky and Alexei Rykov. الرفاق كامينيف وزينوفيف فهموا اخيرا الى ماذا يسعى ستالين واضطروا الى بلع كبريائهم والتحالف مع تروتسكي ضد ستالين، عام 1926.

في النهاية، عندما بدأ كامينيف وزينوفيف بنقد خطط وسياسات ستالين، أدعى الاخير انهم يهدمون وحدة الحزب، ونجح في إخراجهم من اللجنة المركزية. كان الخوف من حدوث انقسام الحزب شديد بين الشيوعيين. لقد كانوا على قناعة راسخة انه في حال حدوث انشقاق، سيستغل الغرب ذلك على الفور لاجتياح بلاد السوفيتات.

بضغط من اللجنة المركزية وافق كامينيف وزينوفيف على توقيع تعهد بعدم خلق اضطرابات سياسية في الحزب من خلال خطاباتهم السياسية التي ينتقدون فيها السياسة الرسمية. ليو تروتسكي رفض التوقيع على التعهد فجرى نفيه الى اقاصي كازاخستان.

التصنيع والارهاب
عام 1927 أشار مستشاري ستالين الى ان الزراعة تحتاج الى تحديث، وذلك يتطلب 250 الف تراكتور. وبتزايد عدد التراكتورات سيحتاج الامر الى تطوير حقول النفط لتزويد التراكتورات بالوقود. إضافة الى ذلك يحتاج الى بناء محطات كهرباء لتزويد المزارع بالكهرباء.

الدعاية
الدعاية من أجل التصنيع
منذ انتصار ثورة اكتوبر كانت نجاحات الصناعة بطيئة للغاية. فقط في عام 1927 وصلت مستويات الانتاج الصناعي الى مستوياتها قبل الحرب العالمية الاولى. لذلك قرر ستالين استغلال سيطرته التامة لتحديث الصناعة.
الخطة الخمسية الاولى وضعت في التطبيق عام 1928. كانت تهدف الى تطوير صناعة التعدين والمكائن والمعدات ورفع طاقة النقل وانتاج الكهرباء. وضع ستالين اهداف عالية لنمو الانتاج. لقد طالب برفع انتاج الفحم 111% ، ورفع انتاج الحديد وصناعاته بنسبة 200% ورفع انتاج الكهرباء بنسبة 335%. كان يبرر هذه الارقام أنه إذا لم نتمكن من تحقيق التصنيع السريع ، فإن الاتحاد السوفيتي لن يتمكن من الدفاع عن نفسه ضد اجتياح الغرب الرأسمالي.

في كل معمل كانت هناك لائحة كبيرة معلقة يشار فيها الى الحصة الواجب انتاجها من قبل كل عامل. الذي يفشل في الوصول الى المعدل المخطط يتعرض للنقد والتعنيف العلني. بعض العاملين لم يستطيعوا الصمود امام هذه الضغوطات وزادت ايام تعرضهم للمرض. بدوره، أدى ذلك الى زيادة تعرضهم لاجراءات تأديبية. وكانت الادارة تشرف على توثيق جدوال التأخر والغياب وسوء السلوك، من قبل العمال. إذا تجاوزت ايام الغياب المستوى الغالب يتهم العامل بمحاولة تخريب الخطة الاقتصادية الخمسية، وإذا ثبتت التهمة يمكن رميه بالرصاص أو يرسل الى معسكرات العمل الاجباري.

مع زيادة تحديث الصناعة اقترح ستالين زيادة أجور بعض انواع المهن من اجل حثهم على زيادة الانتاج. معارضيه اليساريين انتقدوه مدعين ان ذلك سيعني خيانة للاشتراكية وسيؤدي الى خلق نظام طبقي جديد في الاتحاد السوفيتي. غير ان ستالين فرض وجهة نظره، وفي الثلاثينات زادت الفروق في الاجور، بين العمال والعمال المهنيين.

في صيف عام 1932 كان ستالين على وعي ان معارضة سياسته في ازدياد. بعض اعضاء الحزب توجهوا بالانتقاد العلني الى ستالين وطالبوا بإعادة الاعتبار لتروتسكي. عند مناقشة المسألة في المكتب السياسي طالب ستالين بإعتقال الناقدين وإعدامهم. سيرجي كيروف، الذي بقي مواليا لستالين حتى تلك اللحظة، وقف ناقدا لسياسة ستالين. عند التصويت، غالبية اعضاء المكتب السياسي ايد كيروف ضد ستالين.

معسكرات العمل الاجباري
معسكرات العمل الاجباري
في ربيع عام 1934 طرح كيروف خطوط سياسة جديدة سعيا نحو التقارب وتخفيف التوتر الاجتماعي. لقد اشار الى ان من الواجب اطلاق سراح جميع السجناء من الذين عارضوا سياسة التحول الى التعاونيات الزراعية الاجبارية وتصنيع المجتمع. ومن جديد صوت المكتب السياسي لصالح أقتراح كيروف وبقي ستالين في طرف الخاسرين.

بعد سنوات من ابعاد المعارضين وتعيين المؤيدين في المناصب الحزبية، وجد ستالين انه لازال غير قادر على الوثوق بالدعم التام من الناس الذي عينهم في المناصب. كان ستالين قلقا على الخصوص من رغبة كيروف بمناقشة ستالين علنا بما يؤدي الى اهتزاز صورة ستالين امام الناس والحزب.

إغتيال كيروف وأعدام المنافسين
وكما هي العادة، ذهب ستالين وكيروف الى الاستراحة سوية ذلك الصيف. ستالين، الذي كان يتعامل مع كيروف وكأنه ابنه، أستغل هذه الفرصة لاقناعه بالبقاء على ولائه لقيادته. اقترح ستالين على كيروف ان ينتقل من لينينغراد الى موسكو. كان ستالين يأمل ان يكون كيروف في مكان قريب ليبقى تحت مراقبته. غير ان كيروف رفض العرض، ومع رفضه فهم ستالين انه فقد قدرته على التحكم بربيبه.

وكما هي العادة يعمل الحظ الى جانب ستالين فيقتل منافسيه في مصادفات غريبة. في ديسمبر من عام 1934 أغتيل كيروف على يد احد اعضاء الحزب الشيوعي الشبان ليونيد نيكولاييف. ستالين قام شخصيا بالسفر مباشرة الى لينينغراد ( مكان الجريمة) صاحبا معه كل اعضاء المكتب السياسي. وفي مكان الجريمة قام ستالين بالتحقيق بنفسه مع نيكولاييف، ليدعي فيما بعد، ان نيكولاييف عضو في مؤامرة كبيرة، ضد الدولة السوفيتية، يقودها تروتسكي. ترتب على هذا الاتهام اعتقال ليف كامنييف، غريغوري زينوفييف، وخمسة عشر عضو اخر من اعضاء الحزب الشيوعي. عمليا قام ستالين بإستغلال الحادث للتخلص من جميع معارضيه في قيادة الحزب. لاتوجد اية وثائق رسمية عن مجرى استنطاق ليونيد نيكولاييف، غير انه في وثائق قوميساريات الامن الداخي نجد ، عن نيكولاييف، النص التالي يقول:" لقد وعدني ستالين بالحفاظ على حياتي إذا كشفت كل المتعاونين معي، اي هراء هذا. من يمكنه الوثوق بديكتاتور. ليس لدي متعاونين". Низовский А.Ю., Непомнящий Н.Н. 100 великих тайн. - М.: Вече, 2000, с. 475 - 476.

بعد أغتيال كيروف بما توافق مع مصلحة ستالين، سرت إشاعات على ان ستالين يقف خلف عملية الاغتيال. بعد المؤتمر العشرين، وبأوامر من خروتشوف ، جرى تشكيل لجنة خاصة، على رأسها Н. М. Шверником وبمشاركة البلشفية القديمة اولغا شاتونفسكي Ольги Шатуновской , للتحقيق في ظروف اغتيال كيروف. بعد التحقيق مع اكثر من ثلاثة الاف شخص ، وحسب الرسالة التي قدمتها شاتونفسكي، إعتمادا على شهادات خروشوفا، ميكويانا، وياكوفولوفا Н. Хрущёва, А. Микояна и А. Яковлева, عثرت على دلائل موثقة ، تسمح بالقول ان ستالين وقوميساريات الشعب للامن الداخلي هم الذين نظموا عملية الاغتيال. هذا ماذكره خروتشوف في مذكراته. إضافة الى ذلك اشارت شاتونفسكي الى أن هناك شكوك في إدعاء ستالين أنه ضبط وثائق تدين الرفاق الذين أعدمهم. (المصدر: الفقرة 1930)

في عام 1990 جرى إعادة التحقيق في عملية الاغتيال من قبل المدعي العام للاتحاد السوفيتي، في عهد غورباتشوف، انتهت بالاستنتاج التالي:" لاتوجد لدينا معطيات عن مشاركة ستالين او قوميساريات الشعب للامن الداخلي في عملية اغتيال كيروف". ، غالبية المؤرخين، اليوم، يعتقدون ان عملية الاغتيال جرت بتخطيط من ستالين، في حين ان البعض الاخر يعتقد انها عملية فردية. الاهم أن الجميع متفقون على انه لاتوجد اية علاقة للاغتيال بأعضاء الحزب، السبعة عشر، الذي قام ستالين بإعتقالهم وتصفيتهم، مستغلاً عملية اغتيال، تشير اليه اكثر مما تشير الى خصومه.

ستالين وسياسة ارهاب الدولة
نحى ستالين نحو استعمال الترهيب والتعذيب الفيزيائي لنزع الاعترافات للوصول الى التطهير الجماعي، لجميع معارضيه، منذ محاولة الاغتيال الفاشلة ضد لينين، كما استخدمها لتصفية الاجنحة الحزبية المنافسة له على قيادة الحزب، كما رأينا سابقا، ثم حولها الى سياسة دولة، في الداخل والخارج. في وثيقة تعليمات موقعة من ستالين شخصيا، من تاريخ يناير 1937، : " حول استخدام الضغط الفيزيائي تجاه المعتقلين في ممارسات لجنة الامن الداخلي"، نجد نصوص تقول أنه " بالامكان ممارستها "في حالات استثنائية" ، " تجاه فقط اعداء الشعب بكل وضوح، الذين، عندما نستخدم وسائل تحقيق انسانية معهم، بكل وقاحة يرفضون الافصاح عن المتآمرين، ويبقون اشهر يرفضون الاعراف، يحاولون كبح التحقيق وإبقاء بقية المتآمرين احرار، وبناء على ذلك يستمر نضالهم ضد السلطة السوفيتية حتى من داخل السجن". وفي التعليمات نفسها نجد النص التالي:" منهج الضغط الفيزيائي برهن على صحته، في التطبيق العملي، تجاه الاوغاد زاكوفسكي، ليتفين، اوسبينسكي، واخرين. صحيح انهم حولوه من ممارسة استثنائية الى ممارسة يومية تجاه الاشخاص الشرفاء العاديين ولذلك دفعوا الثمن. ولكن ذلك لايضر المنهج نفسه، إذا جرى استخدامه بشكل صحيح. من المعلوم ان جميع اجهزة التجسس البرجوازية تستخدم الضغط الفيزيائي تجاه ممثلي الاشتراكية العمالية ، وبنفس الوقت يستخدموه في جميع اشكاله. نتساءل، لماذا يجب ان يكون اعضاء الامن السوفيتي اكثر انسانية تجاه عملاء البرجوزاية واعداء الطبقة العاملة والكولخوزيين؟". [1][2][3]

اللينينية الستالينية
اللينينية الستالينية!
لايجب ان نعتقد ان الارهاب، الذي مورس من قبل ستالين، نتيجة شخصية ستالين وحدها، التي تشكلت تحت تأثير عوامل المجتمعات البطرياركية الشرقية، وأنها بدون جذور في فكر الثورة الروسية. في الواقع يتحمل لينين المسؤولية الاولى في استخدام الثورة البلشفية للارهاب الجماعي على نطاق واسع، وشرعنته، إنطلاقا من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، بدء من إعدام القيصر وعائلته، نساء واطفالا، بأمر من لينين شخصياً، 17 يوليو 1918. ثم بعد محاولة اغتيال لينين الفاشلة، وبالترابط مع ان محاولة الاغتيال استهدفت ايضا رئيس التشيكا المحلي ( البوليس الثوري) استنتج لينين ان هناك عملية ارهاب مضاد للثورة، يستوجب الرد عليه بإرهاب ثوري مضاد وواسع وقاسي، بدون اية رحمة.

لايجب ان نعتقد ان الاغتيالات، التي استخدمها لينين ذريعة لاشهار الارهاب الاحمر ظهرت فجأة بعد ثورة اكتوبر، وانما كانت واقع مارسته التيارات الثورية في روسيا ، ضد القيصرية والحكومة البرجوزاية، منذ عام 1908. Книга Русской Скорби на сайте «Хронос».
غير ان ذلك استغلته السلطة الجديدة لتشديد قبضتها. في 6 ديسمبر من عام 1917 بحث " مجلس قوميساريات الشعب" الخبر الذي يشير الى تحضير اضطراب عام وشامل من قبل موظفي الادارات الحكومية، احتجاجا على انقلاب البلاشفة. جرى الاتفاق على إنشاء لجنة ظروف استثنائية لمعالجة مثل هذه الاوضاع عن طريق " أكثر الطرق الثورية حسما" ورئيس هذه اللجنة كان فيليكس دزرجينسكي، مؤسس اجهزة القمع السوفيتي.
Красный террор — Энциклопедия интересных статей портала «Excelion.ru»!
كانت مهمة اللجنة معالجة " الاحزاب المعادية للثورة" ومن ضمن حقوق اللجنة الاعتقال ومصادرة الاملاك، والنفي، تحريم القدرة على الانتاج، ووضع ونشر قوائم اسماء " المعادين للشعب". لينين وافق على ذلك.
Олег Платонов. История русского народа в XX веке. Том 1 (гл. 39-81)

أصدر لينين، 4-5 ديسمبر من عام 1918، ديكريت، يقول فيه:" جميع الثوريين اليمينيين، المعروفين لمجالس السوفيتات المحلية، يجب أعتقالهم على الفور. من الضروري إعتقال أكبر كمية ممكنة من البرجوازيين والضباط . في حال صدور أي شكل من أشكال عدم الاذعان يجب على الفور تنفيذ أعدامات جماعية.... بدون ذرة من التردد، بدون ذرة من الشك يتوجب تنفيذ الارهاب الجماعي". Paavolainen, Jaakko, Röd och vit terror (1986)

وفي تلغراف أرسله لينين، بالعلاقة مع الحدث ذاته اعلاه، كتب يقول:" من الضروري، سراً وبصورة مستعجلة، البدء بسياسة الارهاب". وقبل ذلك كان لينين قد أرسل تلغراف مستعجل، للبدء بإرهاب جماعي في نيجني نوفاغورد، يحث على ممارسة الارهاب الجماعي لقمع انتفاضة السكان المدنيين هناك (2). يقول لينين:" ايها الرفاق. ان انتفاضة الكولاك في مقاطعاتكم الخمسة يجب تحطيمها بدون اي انتظار. يجب ان نجعل منهم مثالا. اشنقوهم، ( وانا اعني اشنقوهم علنا لنجعلهم عبرة- القوسين والتأكيد للينين) على الاقل عشرة كولاك. الاوباش الغنية، ومصاصي الدماء، انشروا اسمائهم، وصادروا ثرواتهم غنيمة، افعلوا كل هذه الاشياء، بحيث لمسافة أميال حولهم، الناس ستستوعب الدرس. قولوا لهم اننا سنقتل الكولاك المتعطشين للدم وسنستمر بفعل هذا. بالمناسبة، استخدم اكثر الناس صرامة ( نصيحة لينين للشخص الذي أرسل اليه الرسالة)" التوقيع لينين. http://en.wikipedia.org/wiki/Red_Terror

هذا المحتوى يجعلني اعتقد ان لينين، لربما كان متأثر بالاستراتيجيات التي قدمها الاسلام، النظري والعملي، على الاخص، وجزئيا، في الاية التي تقول:" (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) محمد .

في سبتمبر من عام 1936 قام ستالين بتعيين نيكولاي جيزوف Nikolai Yezhov رئيسا على لجنة قوميساريي الشعب للامن الداخلي، NKVD, للقضايا الدولية، مخلفاً سلفه البولوني Genrikh Yagoda, الذي جرى أعدامه، لاحقا، في 15 آذار من عام 1938 بتهمة التواطوء مع تروتسكي. وقد تم إعتقاله الى جانب الرفاق ليف كامنييف وغريغوري زينوفيف، بنتيجة تلفيق قضية كيروف. كان التخلص من ياغودا لامفر منه لكونه على إطلاع على تفاصيل تلفيق القضايا، وعلى الاخص لفشله في الحصول على مايرضي ستالين من البراهين ضد نيكولاي بوخارين.

نيكولاي جيزوف، قام على الفور بتقديم براهين الاحلاص والطاعة لسيده الجديد، معتقلاً جميع الاعضاء المتقدمين ممن صدر عنهم اعتراضات على سياسة ستالين، في جميع انحاء الاتحاد السوفيتي. كانت الشرطة السرية تحطم مقاومة المعتقلين من خلال تحقيقات مضنية، تنتهي بهم الى الاعتراف بما يطلب منهم الاعتراف به. كان من ضمن الاساليب إعتقال اعضاء من عوائل المتهمين وأعدامهم إذا لم يوافق المتهمين على الاعتراف. التحقيقات تستمر لبضعة ايام ، ليلا نهارا، ومع الوقت ينهك المعتقلين ويتبلبل تفكيرهم حتى يصلوا الى اللحظة التي يوقعوا فيها على إعترافاتهم الجاهزة.

الستالينية
ستالين اصبح القائد الاوحد للحزب
عام 1936 جرى اعتقال الرفاق نيوكلاي بوخارين، اليكسي روكوف، غنريك جاغودا (الرئيس السابق للتشيكا)، نيكولاي كريستنسكي وخريستيان راكوفسكي. جميعهم اتهموا بالمشاركة في مؤامرة تروتسكي ضد ستالين. بعد محاكمة صورية، واحدة في سلسلة محاكمات مشهورة تحت اسم " محاكمات موسكو"، حكم عليهم بالاعدام واعدموا جميعاً. في الواقع، في فترة عام 1936 جرى الارهاب على نطاق واسع، بحيث ان وفود اعضاء المؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي السوفيتي، الذين وقفوا الى جانب كيروف، جميعهم جرى اعدامهم.

تروتسكي الذي كان قد غادر البلاد هاربا من ستالين ، في البداية الى تركيا ثم فرنسا والنرويج وفي النهاية طلب اللجوء في المكسيك، بعيدا قدر الامكان عن ارهاب ستالين. غير ان ستالين أرسل اليه عميل ليقتله هناك، إذ ان أذرع الرفيق طويلة. المحاولة الاولى، جرت في 24 مايس من عام 1940، ولكنها فشلت. غير ان المحاولة الثانية نجحت، إذ ان القتلة تمكنوا من بناء صداقة مع تروتسكي سمحت لهم بالدخول اليه بحرية. وقد قتل تروتسكي بضربة فأس في 20 اغسطس من عام 1940. كان القاتل Ramon Mercader وحكم عليه بالسجن 20 عاما. غير انه حصل على لقب بطل الاتحاد السوفيتي، بعد إطلاق سراحه وانتقل للعيش في الاتحاد السوفيتي. كان تروتسكي قد وصف اللجنة المركزية في ظل إدارة ستالين انها "ديكتاتورية فوق البروليتاريا" وان الدولة السوفيتية هي " رأسمالية دولة" و " بونابرتية". كان لينين قد استخدم مصطلح " رأسمالية الدولة" في معرض دفاعه عن خطة النيب. آشار تروتسكي الى ان " البونابرتية في ايام لينين كانت محتملة، في ايام ستالين كانت أمر واقع".

بعد الانتهاء من المعارضين وتروتسكي، قرر ستالين ان الاوان قد حان لتنظيف الجيش الاحمر من معارضيه. بعض المؤرخين يعتقدون ان ستالين كان صادقا عندما أدعى انه يملك مايثبت ان الجيش يخطط لانقلاب عسكري في ذلك الوقت. ليوبولد تريبير، Leopold Trepper, رئيس حلقة المخابرات السوفيتية في المانيا ، يعتقد ان الاثباتات جرى تلفيقها من قبل عملاء مزدوجين يعملون لصالح هتلر وستالين على السواء. نظرية تريبير ان :" قادة دائرة مكافحة التجسس النازية، حصلوا على افضليات من الاهتياج الجنوني لستالين، من خلال تسريب معلومات تدفع ستالين الى إعدام كبار قادة جيشه".

في يونيو من عام 1937 وجهت الاتهامات الى ميخائيل توتشاتيفسكي وسبعة من كبار قادة الجيش الاحمر بالتواطوء مع الالمان. الجميع حوكموا واعدموا. وفي النهاية وصل مجموع الاعدامات بين اعضاء الجيش الاحمر الى 30 الف شخص. ذلك تضمن 50% من كافة الضباط، وهو الامر الذي يستند عليه ناقدي ستالين في تحميله مسؤولية هزيمة الجيش الاحمر، أمام النازيين، في بداية الحرب العالمية الثانية..

المرحلة الاخيرة من الارهاب الستاليني كان تنظيف دائرة قوميساريات الامن الداخلي. كان ستالين يريد ان اولئك الذين يعلمون الكثير من عمليات الابادة الجماعية ايضا يجب اعدامهم. أعلن ستالين على الشعب ان ان " عناصر فاشية" سيطرت على أجهزة الامن، مما أدى الى إعدام مئات من الابرياء. كان ستالين قد بدأ بالشك في رئيس شرطته السرية غنريغ ياغودا، ليقوم بفصله من مناصبه وإعتقاله، وعلى الاغلب جرى إعدامه عام 1938. في نفس الوقت قام ستالين بتعيين لافرينتي بيريه كرئيس لدائرة قوميساريات الامن الداخلي واعطيت له مهمة إكتشاف المسؤول عن سيطرة العناصر الفاشية المُدعاة. بعد التحقيقات نظم بيريه إعدامات لجميع قادة دائرة قوميسياريات الامن الداخلي..

المصدر: موقع الذاكرة