الوطنيون الديمقراطيون في تونس والانحراف الدغمائي التحريفي

تقديم:
وضع الخط الشيوعي-الماوي في تونس منذ نشأته قضية توحيد الحلقات الماركسية-اللينينية في صدارة جدول اعماله وان لم يتمكن من ايجاد حزب الطبقة العاملة في السبعينات واقتصرت التجربة على توحيد بعض الحلقات فان الخط ,بعد تصلب عوده طرح من جديد في الثمانينات الاتصال بكل العناصر والحلقات الم. الل. بغية ايجاد حزب الطبقة العاملة وقد توجه الى الحلقات الوطنية الديمقراطية على اختلاف مشاربها ووقع مد هذه الحلقات بكل الانتاجات دون حسابات ضيقة وبهدف دفع الصراع وتشريك جميع الحلقات في تحديد مصير الخط الماركسي اللينيني.
وبدون الرجوع الى محتوى الحوارات التي حصلت مع بعض الرموز التي تقاعدت حاليا او التي اصبحت الان جزءا لا يتجزا من البيروقراطية النقابية-علما وان البيروقراطية النقابية هي امتداد للنظام في الحقل النقابي- يمكن القول ان جوهر الانحراف الدغمائي التحريفي مازال عالقا بما تبقى من الاوطاد(الوطنيون الديمقراطيون) وحتى نفهم حقيقة تصرفاتهم والاسباب الكامنة وراء مواقفهم العملية وتجسيدهم للقطيعة بين المقول والممارس لا بد من الرجوع الى المستندات الايديولوجية لهذه المجموعات التي تحذق التحليق فوق واقع الصراع الطبقي والنضال الوطني وتتفنن في ترديد الشعارات العامة من جهة وتعقد التحالفات ضد اقرب الاصدقاء بغية الحفاظ على موقع نقابي او لهثا وراء الاصوات مهما كانت طبيعتها من جهة ثانية.
لقد اعتبرنا دوما ان الحلقات الوط.الد. مهما كانت خلافاتنا معها معنية بالثورة الوطنية الديمقراطية ورغم تصرفات الاوطاد(1) والاوطاج(2) الفئوية وادعاءاتها الباطلة باننا"عملنا على ابتزازها...وطعناها من الخلف في مناسبات عديدة"(مشروع تقييم..ص.7)، فاننا لازلنا نعتبر هذه الحلقات-باستثناء الرموز - معنية بالثورة ومن واجبنا التحلي بسلوك سياسي يدعم الوحدة والصراع معها .غير ان بعض هذه الحلقات التي تدعي التباين مع البيروقراطية النقابية ومع الاصلاحية انخرطت في الحملة ضد الماوية التي تقودها الدعاية الامبريالية من جهة وكل الفرق التروتسكية والاشتراكية الديمقراطية من جهة ثانية وكرست نظرتها الدغمائية التحريفية وأرادت إيقاف تاريخ الحركة الشيوعية وتاريخ الدول الاشتراكية عند الرفيق ستالين وسلب الحركة الشيوعية والكادحين عموما دروس التجربة الصينية ونخص بالذكر تجربة حرب الشعب وكيفية الوصول الى السلطة السياسية عبر المقولة الشهيرة "السلطة السياسية تنبع من فوهة البندقية" وبناء الدولة الديمقراطية الجديدة المتحولة الى الاشتراكية فالشيوعية وخوض الصراع الطبقي في ظل دكتاتورية البروليتاريا من خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. وبما ان حلقات "البلاشفة الجدد" اعلنت الحرب ضد الماوية وضد الاحزاب الشيوعية-الماوية- في العالم التي تخوض حرب الشعب او تعد لها فانه من واجبنا الرد على مثل هذه الانحرافات القديمة المرتكزة اساسا على التنظير التحريفي من جهة والتروتسكي من جهة ثانية وكشف حقيقة ادعاءات الاوطاد وتبيان ان ممارسة الاوطاد هي احسن دليل على عكس ما يقولونه وان الاوطاد رغم التقدم الزمني بقوا في مستوى ترديد الشعار من جهة وممارسة عكس الشعار من جهة اخرى وليس من قبيل الصدفة ان اختار بعض الاوطاد شن حملة ثانية ضد الرفيق ماو بعد فشل الحملة الاولى في بداية التسعينات والاصطفاف وراء الحجج التحريفية تارة واستعمال نفس الحجج التروتسكية والتروتسكية الجديدة تارة اخرى بما انهم يعتمدون في نقدهم لماو انتاجات البلاشفة الجدد الذين اعتمدوا الحجج التحريفية "السوفياتية"(الامبريالية الاشتراكية) في ضرب ماو واعتمد الاوطاد كذلك كتب انور خوجة رغم ادعائهم التباين معه.
لقد ظن بعض الاوطاد ان الوقت قد حان لضرب جذور الفكر الماركسي اللينيني في تونس والحال انه اصبح محل تشويه وتزوير من قبل الانتهازيين والاصلاحيين كما اعتقد بعض رموز الاوطاد ان الماوية التي اسست الحركة الم.الل. خلال المنتصف الثاني من الستينات والتي دافعت بكل الوسائل عن الرفيق ستالين وفضحت المرتد خروتشوف ودعمت الحركة الم.الل. الناشئة عالميا ودفعت قدما البناء الاشتراكي والصراع الطبقي في ظل دكتاتورية البروليتاريا في الصين ان هذه الماوية قد حان وقت طعنها من الخلف وهي التي ترفع البندقية البروليتارية في النيبال والهند ولا زالت تخوض الكفاح المسلح في البيرو وتركيا والفيليبين وتعد لحرب الشعب في بلدان اخرى... اننا نقول الى اصدقائنا الاوطاد الذين يريدون اعلان الحرب ضد الحلفاء ان تصرفهم هذا يعكس نظرتهم الدغماتحريفية.
إن ردنا الأولي والموجز يأخذ بعين الاعتبار جوهر ما ورد في الوثائق التالية
" الثورة الوطنية الديمقراطية والمرتدون مؤسسو العود –حزب العمل الوطني الديمقراطي-(3)..." و"هل يمكن اعتبار ماو ماركسيا-لينينيا؟" والبرنامج السياسي و" مشروع تقييم لنشاط الخط منذ اواسط الثمانينات من القرن الماضي" والنشريات التي اصدرها الاوطاد ونعتزم الرد على كل هذه الوثائق ردا مفصلا وضافيا وتبيان ان رموز الاوطاد- رغم تباينهم الظاهري مع الاوطاد المتبقرطين و الاوطاد المنهارين - يعتمدون نفس المراجع ويتفقون في نفس الممارسة.
I / ملاحظات حول "الثورة الو.الد. والمرتدون مؤسسو العود"
1-في مفهوم الارتداد:
ان النص مبني اساسا على المقارنة بين برنامج الم. الل.الماويين.في فترة ما-بداية الثمانينات تحديدا- على ما يحمله من صراعات وبين برنامج "العود"(حزب العمل الوطني الديمقراطي) الانتهازي الذي لا علاقة له بهذا البرنامج خاصة وان جل مؤسسي "العود" لم يتبنوه سابقا.وحاول النص تبيان ان "العود"ارتد على ما كان يؤمن به حسب معلومات الاوطاد المغلوطة.ان النص يعترف ضمنيا ان البرنامج السابق أي برنامج الماويين كان ثوريا وان "العود" ارتد عنه غير ان كاتب النص يستدرك ويؤكد ان البرنامج القديم نفسه كان تحريفيا.في حين ان البرنامج السابق كان ثوريا في طرحه للمهام الوطنية الديمقراطية وللتحول الاشتراكي فالشيوعي وفي مفهومه للحزب والجبهة ولحرب الشعب كاسلوب اساسي ورئيسي لتحرير الارض وتركيز السلطة الديمقراطية الشعببة كما كانت له رؤية شيوعية للاوضاع العالمية والعربية والقطرية.
لكن حسب منطق الكاتب فان "العود" في الحقيقة لم يرتد بما انه كان تحريفيا وماويا سابقا وهنا نسأل الكاتب: "هل يمكن لتحريفي في اشباه المستعمرات ان يكون وطنيا أي ضد الاستعمار الجديد؟" وحسب نفس المنطق فحركة التجديد في تونس تصبح وطنية ويمكن التحالف معها على الاقل في مستوى الثورة الوطنية الديمقراطية ورغم احترامنا لكاتب النص فاننا نقول له اننا ناسف شديد الاسف لاننا لا يمكن ان نعتبر عملاء موسكو سابقا والاشتراكية الديمقراطية المتخلفة وطنية-علما وان "العود"حليفها- بل بديلا امبرياليا لا شك فيه. مع أننا نتفق كل الاتفاق مع الكاتب ان "العود" ارتد على الخط الم. الل. وعلى الطرح الوطني الديمقراطي وان بعض العناصرالاخرى التي تبنت في وقت ما الخط والطرح تحولت الى عناصر اشتراكية ديمقراطية في احسن الاحوال تنظر للوفاق الطبقي وللمصالحة الوطنية مع اعداء الشعب وهذا امر يصعب فهمه من قبل الاوطاد على اختلاف مشاربهم بما انهم عجزوا عن فهم المقولة الاساسية للماركسية الا وهي مقولة الصراع الطبقي وتواصله حتى في ظل ديكتاتورية البروليتاريا وانعكاس هذا الصراع في صلب الحزب الشيوعي نفسه مثلما حصل ذلك في الحزب البلشفي او في الح. الش. الصيني وفي باقي الاحزاب وحتى في صلب الحلقات "الوطدية" كما يقرون بذلك وكما ورد في "مشروع تقييم لنشاط الخط..." :"...تركيبة التنظيم التي تضم عناصر تنحدر في معضمها من اصل برجوازي صغير وتتميز بالجبن السياسي والتردد والتارجح بين السائد والثورة الاجتماعية... وتسبب ذلك في تفشي جملة من الامراض في العمل الحزبي كضعف الروح الثورية والابتعاد عن العمل المؤسساتي وعدم الانضباط لقرارات الهياكل والالتفاف عليها...وسيطرة العفوية والارتجالية والفوضوية والليبيرالية القاتلة والتقاعس وعقلية الولاءات الشخصية والتذيل والمجاملات والنميمة والمصلحية والانتهازية والروح التكتلية وتخريب العمل المؤسساتي وسلطة التنظيم والنزوع الى استعمال العنف الفردي ضد الاطراف الاخرى والادمان على شرب الخمر وعدم دفع المساهمات المالية الخ..." (مشروع تقييم لنشاط الخط...ص.10)
إننا نحيي أصحاب هذا التقييم ونقول لهم انكم اعترفتم عن وعي او عن غير وعي بان الصراع بين الخطين يشق كل حزب شيوعي وان الصراع بين الخطين لا يعني البتة تعايش خطوط في صلب الحزب كما لا يعني ضرب وحدة الارادة او معارضة الخط العام للحزب(انظر- ردا على ح. العمل الالباني,مفهوم الصراع الطبقي في ظل الاشتراكية-1-*) ان هذا الاستشهاد يثبت مرة اخرى الانحراف الدغمائي التحريفي لعائلة الاوطاد اذ رغم الواقع العنيد والمرير الذي يعيشونه فان الدغمائية الوطدية لا تقبل بالصراع وترفض تحول العناصر الشيوعية الى نقيضها في فترة ما بفعل عوامل عدة وذلك رغم تحول عناصر من الاوطاد ومن مجموعات وطنية ديمقراطية اخرى نهائيا الى صف الاعداء. وترجع هذه اللخبطة التي سقط ضحيتها منظرو بعض الاوطاد الى العجز عن فهم مقولة الصراع الطبقي مرة اخرى وقانون التناقض. ونتج عن هذه اللخبطة الخلط بين "العود" من جهة وبين الخط الم.الل.من جهة ثانية واصبح الجميع في نفس السلة. فكيف لا يفرق الاوطاد "اليقضين" بين من يتمسك بالصراع الطبقي وبالنضال الوطني قولا وفعلا وبين من يتطلع للوفاق الطبقي وللمصالحة الوطنية؟ انها الدغمائية مرة اخرى هي التي تجر الاوطاد الى مثل هذه المواقف وتغطي التحريفية اي الممارسة اليمينية والرجعية التي يسلكها رموز الاوطاد او المحسوبون عليهم في الجهات فيتحالف ممثلو الاوطاد مع "العود" في بعض النقابات ومع الدساترة-الحزب الحاكم- في احدى الجهات ومع البيروقراطية في منطقة الجنوب ولا يصوتون للرفاق عمدا وعن وعي بهدف عزلهم...نعتقد ان كاتب النص يفرق بين العود من جهة وكل من واصل التمسك بالم الل بيد إن الاعتراف بذلك يعني بالضرورة الاعتراف بانحرافات الاوطاد.
اننا ندعو من جديد العناصر النزيهة والثورية من الاوطاد الى التثبت في مدلول الصراع الطبقي والصراع بين الخطين في التجربة الصينية وقراءة مؤلفات ماو والى الاطلاع على انجازات الكمونات الاشتراكية وعلى النضال الدؤوب ضد التحرييفية الخروتشوفية -علما وان النصوص متوفرة وفي متناول الجميع-*(2) كما ندعوهم الى قراءة" ردا على ح.العمل الالباني" وبعد ذلك فقط يمكن الحديث عن الفرق بين "العود" وبين الشيوعيين الماويين وبعد ذلك فقط يمكن فهم مقولة واحد ينقسم الى اثنين او تحول حزب شيوعي الى نقيضه كما يمكن فهم ان كاوتسي كان ماركسيا ثم ارتد كما ان خروتشوف كان الى جانب الرفيق ستالين ثم ارتد كما ان دنك سياو بيغ كان في الحزب الشيوعي الصيني ثم ارتد على الخط الذي تظاهر بتبنيه وان زيد او عمرو انتمى الى الاوطاد ثم ارتد وان ارتداد زيد او عمرو لا يعني بالضرورة تحريفية الحزب المرتد عنه فارتداد "العود" لا يعني ان الخط والطرح المرتد عنهما كانا تحريفيين كما يدعي اصحاب النص.
-2 -في فهم تاريخ الخط :
تظل قراءة تاريخ الخط الماركسي اللينيني, والطرح الوطني الديمقراطي محل صراع عنيد فحديث الاوطاد مثلا عن "المود و الشود" او عن" لجان المبادرة" الخ... من التسميات يعكس اولا اما جهل هذه العناصر لتاريخ الخط الم. الل. في تونس وعدم اطلاعها حتى على ما يحصل خلال محاكمات الم.الل.التي قد لا تعنيها وإما أنها تتعمد أسلوب التشويه وبث البلبلة وعدم مدّ عناصرها بالمعلومة الصحيحة بهدف إبقاءها جاهلة لما يحصل في القطر او ملقحة بالإعلام المغلوط الذي يروجه رموز الاوطاد.وبعد التثبت اتضح ان الاوطاد يجهلون فعليا تاريخ الطرح الوطني الديمقراطي الذي تاسس منذ نهاية الستينات.
فتسمية "الشود" مثلا التي استعملها التنظيم الش.الم.الل. في الحركة الطلابية تعني "الشبيبة الوطنية الديمقراطية"وهي تسمية خاصة بالمعارضة الشبابية طلابية كانت اوعمالية...في حين ان الاوطاد الجدد في"مشروع البرنامج السياسي للوطنيين الديمقراطيين الم.الل." وفي صفحة12 تحديدا يعبرون عن جهلهم لهذه التسمية فيكتبون "شود" اي(الشيوعيون الوطنيون الديمقراطيون) وهو أمرغني عن أي تعليق بما انه لايمكن الجمع بين الوطني الديمقراطي والشيوعي لان الهوية الوطنية الديمقراطية تقف عند مرحلة التحرر الوطني في حين ان الهوية الشيوعية تطمح الى السير بالثورة نحو الاشتراكية فالشيوعية. ولإنارة من يريد الحقيقة نقول ان" لجان المبادرة "هي تسمية نقابية مثلت تكتيكا نقابيا مبنيا على مقاطعة النقابة المنصبة للتيجاني عبيد سنة 78-اثر ضرب الاتحاد العام التونسي للشغل وسجن اكثر من 2500 نقابي- وهو تكتيك يعارض كل التكتيكات الإنتهازية التي دعت الى التعامل مع عبيد مثل تكتيك الإفتكاك سيئ الذكر وقد كان تكتيك المقاطعة للنقابة البوليسية يحتوي على نقاط اساسية تتمثل في العودة الى الشرعية النقابية ودعم استقلالية القرار النقابي وهو تكتيك اثبت التاريخ نجاعته وقد عرف بتكتيك المقاطعة على عكس ما مارسه الإنتهازيون من تطبيع وتعامل مع المنصبين انطلاقا من "تكتيك الإفتكاك" وكان التنظيم الشيوعي الم.الل. يدعم تيار المقاطعة ويقدم له كل شروط النجاح. لذلك نوضح للاوطاد الذين يتجاهلون تاريخ الشيوعيين في تونس انه تمت محاكمة "الشعلة" كتنظيم شيوعي من جهة ولجان المبادرة كعناصر نقابية من جهة ثانية كما تمت محاكمة ش.م.ل اما كلجان او كشعلة او كنقابيين شرعيين.وجهل او تجاهل تاريخ الشيوعيين في القطر او النظر الى هذا التاريخ بصفة ذاتية يعني بالضرورة تكريس الانحراف الدغمائي وتقنين الافكار المسبقة وثقافة السماع دون تحقيق وتثبت ودون بحث واجتهاد.
إن جهل الاوطاد لتاريخ الخط والطرح في تونس جعلهم يعتبرون تاريخ الم. الل. يبدا مع الاوطاد او مع الاوطاج كما يدعي احد الناطقين باسم الاوطاج في رده على "العود" الذي يتحالف معه في الحركة النقابية والطلابية على طول الخط رغم ادعائه باطلا التباين معه. كما ان تشويه تاريخ الخط والتنكر للطرح الوطني الديمقراطي الذي برز منذ نهاية الستينات مع الحلقات الم. ال.ثم مع "الشعلة" التي رفعت شعار "نشر الفكر الم.ال. وبلورة الوعي الوطني الديمقراطي"ان طمس مثل هذه الحقائق يدل على الذاتية في قراءة الخط والنرجسية البرجوازية الصغيرة في اعتبار كل شيئ ينبع وينطلق من عائلة الاوطاد المنقسمة الى اصناف متعددة بتعدد المصالح والمواقع . والخلط بين ما كان جوهريا صحيحا رغم الاخطاء وهو امر لا بد من تقييمه ولم يفعل الاوطاد شيئا في هذا المجال وبين ما هو تحريفي قلبا وقالبا يعني اما عدم الفرز بين الخط الثوري والخط الانتهازي، خط المصالحة الوطنية او يعني الدغمائية المقيتة التي تصيب اصحابها بالعماء الايديولوجي والسياسي. فالخط حسب عائلات الاوطاد كان تاريخيا انتهازيا وهو مازال انتهازيا ولا فرق بين "العود" و بين من حسم في "العود" والجميع رجعي وانتهازي وفي احسن الاحوال وطني لكن ما معنى الوطنية في زمن العولمة ؟ ان الوطنية لا يمكن ان تكون تحريفية لأن التحريفية هي الان بديلا امبرياليا ورغم ذلك فان الاوطاد يعتمدون على الحجج التحريفية في نقدهم للرفيق ماو وللتجربة الصينية عامة.(انظر نص ماوتسي تونغ في مواجهة منتقديه,الحوار المتمدن)
-3 -في فهم الحلقية:
يتبجح الاوطاد بتبني مفهوم الحزب اللينيني وكتابات ستالين ولينين حول الحزب في حين انهم في الواقع وحسب ما ورد في الرد على "العود" ينظرون للحلقية ويبررون الواقع الحلقي بل يعتبرونه بعد ما يقارب من 40 سنة من وجود الخط مرحلة ضرورية لا بد من استكمالها حسب العبارة الوطدية وحسب الممارسة الوطدية فان الحلقية مازالت متواصلة وان التبعية لفلان دون اطلاع ودون دراسة او بحث مازالت تمثل السلوك الوطدي النموذجي. فالوطد يتهرب من النقاش ولا يعمل على تحقيق وحدة الشيوعيين بل على فرقعة الوحدة باسم النقاوة المفتعلة والمثالية المتناقضة كليا مع تخلف الممارسة .
ان الاوطاد يجهلون أن الظروف التي كتب فيها لينين "ما العمل؟" ليست نفس الظروف التي نعيشها حاليا وان فرضت الحلقية نفسها في بداية الحركات الثورية وفي بداية القرن الماضي فقد تم تجاوزها منذ بداية العشرينات من القرن الماضي حيث اصبحت مهمة تاسيس الحزب الشيوعي وفق مقررات الأممية الثالثة مسالة اساسية-علما وانه لا يجوز تبرير تواصل العقلية الحلقية في تونس بعد 40 سنة من وجود الخطوط العامة للخط وبعد تبلور مفهوم الحزب منذ زمان-. ونذكر الاوطاد أن لينين سبق ان اكد على ضرورة التنظم حيث قال:"انتظموا لا في جمعيات للتعاضد فحسب لا في صناديق للاضراب وفي حلقات عمالية وحسب بل ايضا في حزب سياسي انتظموا من اجل النضال الحاسم ضد الحكومة...وبدون هذا التنظم تعجز البروليتاريا عن الارتقاء الى نضال طبقي واع وبدون هذا الحزب تكون الحركة العمالية عاجزة. ومع الصناديق والحلقات وجمعيات التعاضد فقط لن تستطيع الطبقة العاملة ابدا ان تؤدي رسالتها التاريخية الكبرى وقوامها تحرير نفسها وتحرير الشعب الروسي كله من عبوديته السياسية والاقتصادية.ان طبقة واحدة في التاريخ لم تتوصل للسيطرة قبل ان تقدم زعماء سياسيين لها وممثليين طلعيين لها قادرين على تنظيم الحركة وقيادتها".(المهام الملحة لحركتنا- لينين).
ورغم تظاهرالاوطاد بمعرفة التراث فانه لم تقع الإشارة ولو عرضيا الى المنظمة المحترفة اي منظمة الثوريين التي تحدث عنها لينين باطناب ولم يفهم الاوطاد ان الحل الوحيد في تجاوز الحلقية هو ايجاد المنظمة الثورية المحترفة على الاقل في مستوى المهام الأساسية مثل الاتصال والدعاية والتحريض والعلاقات مع الاحزاب والطباعة والتجهيزالخ...من المهام التي تظل غائبة من قاموس الحلقيين.
وبايجاز يمكن القول ان الحلقية هي تعبير صارخ على التوجه الاقتصادوي على المستوى السياسي وتجسيد للعمل الحرفي والموسمي على المستوى التنظيمي وطالما لم يقع إلحاق الهزيمة بالحلقية ايديولوجيا وسياسيا فان الاوطاد سيواصلون التواجد في الجمعيات اساسا وستظل الممارسة محكومة اساسا بالشرعوية والاصلاحية عموما ولن تفرزمثل هذه الممارسة سوى عناصر اصلاحية خاضعة لنمط عيش البرجوازية الصغيرة .
-4 - في فهم النضال من اجل الحريات :
لقد حصل خلط واضح لدى الاوطاد واليسراويين عامة بين الحرية السياسية كبرنامج اصلاحي في اشباه المستعمرات وبين النضال من اجل الحريات السياسية ونتج عن هذا الخلط موقف موحد يشترك فيه كل اليسراويين. فما هي حقيقة النضال من اجل الحريات وما هو الفرق بين "الحرية السياسية" كتكتيك يطرحه "البكوت" و "العود"... و بين النضال من اجل الحريات السياسية التي يطرحها الثوريون؟
ان الحرية السياسية كبرنامج متكامل ينسخ اساسا التجربة الروسية لا علاقة له بواقع اشباه المستعمرات لان القيصر يختلف على كل المستويات عن الأنظمة العميلة كما ان المجتمع الزراعي المتخلف يختلف كليا عن المجتمع الرأسمالي المتخلف. ثم إن تكتيك الحرية السياسية الذي طرحه لينين قبل ثورة اكتوبر لا علاقة له بواقع اشباه المستعمرات وقد دللت الثورات الوطنية الديمقراطية والاشتراكية على ذلك مثل تجربة البانيا والفيتنام والصين وكمبوديا...
تعنى الحرية السياسية في اشباه المستعمرات مثلما يطرحها حزب العمال او حزب "العودّ او الحزب الاشتراكي اليساري اوالناطق باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين ضرب الثورة الوطنية الديمقراطية والتنظير الى امكانية "التحول الديمقراطي " في ظل انظمة عميلة تمثل نقيض الوطنية والديمقراطية. ويوهم مثل هذا التنظير البعض بانه بالامكان تحقيق الجمهورية الديمقراطية عوض الجمهورية الديكتاتورية في ظل الهيمنة الامبريالية والتخلف الاقطاعي.ان تكتيك الحرية السياسية هو تكتيك اصلاحي انتهازي وقد كشف الخط الشيوعي-الماوي- منذ السبعينات حقيقة هذا التكتيك الانتهازي الذي ينظر لوطنية الانظمة ولامكانية وجود بعض الديمقراطية في ظل النظام الاستعماري الجديد لتبرير المشاركة في الانتخابات المزورة وبالشروط الرجعية بل ان التيارات الانتهازية اعتبرت في برامجها ان الحرية السياسية تحققت في السنيغال والبنين والفليبين الخ*(3)
أما النضال من اجل الحريات وتدريب الجماهير على افتكاك حقوقها وممارستها رغم القوانين الجائرة فهو امر ثان لم يتمكن الاوطاد من فهمه وبقوا في مستوى الشعار المتطرف والممارسة اليمينية اي النقابوية في احسن الاحوال. ويعكس اعتبار الاوطاد للحريات العامة شعارا تعبويا فقط نظرتهم الدغماتحريفية لكيفية النضال من اجل الحريات فالاوطاد يناضلون عمليا من اجل الحريات لكنهم يقولون في الان نفسه انه من المستحيل تحقيق هذه الحريات ولا فائدة بالتالي في النضال من اجل تحقيقها غير أن الواقع العنيد يثبت مرة أخرى ان الجماهير تتطلع نحو الحرية وانها قادرة في ظل تعبئة معينة على تحقيق حرية الاجتماع او التظاهر او التعبير الخ....وفق موازين قوى معينة وان الجماهير قادرة على الحفاظ على مثل هذه المكاسب لمدة قد تطول او تقصر حسب الظروف وحسب المناطق. فمدلول الشعار التعبوي اذا حسب الاوطاد يترجم مرة أخرى القطيعة بين المقول والممارس لان واقع الجماهير يثبت ان الشعار امر ضروري لا بد من ممارسته وهو شعار منصوص عليه في البرنامج الاستراتيجي للثورة الوطنية الديمقراطية. وان كنا نتفق مع الاوطاد ان تحقيق مثل هذه الشعارات بصفة كلية وشاملة لا يمكن ان تحصل الا في ظل الديمقراطية الشعبية فان افتكاكها وممارستها رغم القوانين الرجعية ممكن وضروري لتسجيل تراكمات تؤهل الطبقات الشعبية الى الارتقاء بتجربتها وتدريبها على الحفاظ على مكاسبها قدر الامكان بحيث تظل امكانية تحرير مناطق محددة ممكنة كما ان السيطرة على حي معين اومنطقة صناعية معينة تظل واردة كذلك (مثال النيبال او البيرو او الفيليبين والهند.(4)
أما مفهوم الشعار التعبوي حسب المنطق الوطدي فهو يكشف مجدّدا النظرة الدغمائية للنضال بحيث يكتفي بتعبئة الجماهير دون اهداف محددة وفي احسن الاحوال يكتفي بفضح تجاوزات النظام دون ربط نضال الجماهير بجنين السلطة الشعبية وبعملية التدرب على تقرير المصير والمشاركة فعليا في الارتقاء بتجربة الكادحين على مستوى المواجهة والصمود.ان الشعار التعبوي يكشف ان الاوطاد ليست لهم نظرة ولو اولية لكيفية افتكاك السلطة في اشباه المستعمرات وهم يرشحون في الحقيقة الانتفاضة والتحول السريع رغم اقرارهم نظريا بحرب الشعب.