اصل كلمة الله


كانت فكرة الإله الأعلى "supreme god" موجودة في الديانات القديمة، و في كثير منها كان اسم الإله الأعلى El، و يُقرأ: إيل. هذه الكلمة موجودة في اللغة العبرية، و هي كلمة مذكرة، و تترجم إلى الإنجليزية كـ God أو كـ god.

يتم التأنيث في العبرية بإضافة ah أو oh أو oah في نهاية الكلمة، و تأثيرها يشبه تأثير تاء التأنيث في العربية. فإذا أضيفت oah إلى El تصبح Eloah  وهي كلمة مؤنثة، وردت في التوراة كثيرا، و هي تُقرأ: إيلاه. هذا الإسم لم يكن لـ El المذكر، بل لأنثاه. و يبدو أن اليهود في أزمنة تالية لم يتقبلوا وجود إله أنثى في كتابهم المقدس، فقاموا بالتعامل مع كلمة Elaoh على أنها مذكر، رغم أنها لغويا مؤنثة تأنيثا واضحا. و فاتهم أن اسم أنثى إيل قد ورد في التوراة بمسمى آخر أيضا.

كلمة shad في العبرية تعني ثدي. و عندما تريد وصف شيء بأنه ذو ثدي (في العربية نستخدم نفس الكلمة فنقول مثلا: هذا حيوان ثديّ) فإنك في اللغة العبرية تقول shaddai. و قد وردت أنثى El في التوراة عدة مرات تحت مسمى El shaddai أي إيل ذو الأثداء، و ربما تكون الترجمة الصحيحة "إيل المؤنث" أي هي نفسها Elaoh.

إن كلمة Eloah العبرية يمكن أن تأخذ شكلين مختلفين في العربية. أحدهما عبر فهم الإسم في لغته الأصلية و ترجمته إلى العربية، و سيكون بذلك "إيلة" فهذا هو تأنيث "إيل" في العربية. و قد عرفت العرب هذا الإسم بعد تعريبه قليلا إلى "اللات." و قد أجمعوا على تأنيث هذه الأسم، تماما كما في العبرية. أما الطريقة الأخرى لنقل الكلمة إلى اللغة العربية هو بالمحافظة على لفظها كما في لغتها الأم، و ستكون في هذه الحالة "إيلاه" و هي أقرب صوتيا إلى كلمة "إيلة" كما تنطق عند الوقف على نهايتها، أي "إيلهْ." و قد تحولت الكلمة مع الزمن إلى "إلاه" و أحد الشواهد على ذلك هو غياب الألف من رسم الكلمة حيث تكتب "إله" و هو أقرب رسما إلى الأصل "إيلة." و كما فعل اليهود عندما قاموا بتذكير كلمة  Eloah قام العرب بتذكير كلمة "إله."

في اللغة العبرية عندما تريد المفاضلة بين شيئين، فلا توجد طريقة مباشرة، حيث لا توجد في العبرية صيغة مفاضلة. في اللغة العربية تستطيع استخراج صيغة المفاضلة من معظم الصفات بسهولة. فصفة "كبير" مثلا تصبح "أكبر"، و صفة "آمِن" مثلا تصبح "آمَن." فنقول "هذا المكان أكبرُ من ذاك المكان" و "هذا المكان آمَنُ من ذاك المكان" و قد نقول أيضا "هذا المكان أأمنُ من ذلك المكان." و في الديانات القديمة كانت صيغة المفاضلة (أو صيغة التفضيل) مهمة، حيث يتم بها تفضيل الإله الأعلى و تمييزه عن بقية الآلهة الثانويين، و قد جرى المسلمون على هذه العادة بتكرارهم لـ "الله أكبر" و تعود أصولها إلى فكرة تمييز الإله الأعلى عن بقية الآلهة بحجمه الأكبر من بقية الأحجام. يظهر أن اليهود اعتقدوا أن الإله الأعلى هي Eloah الأنثى، و أرادوا أن يحولوا الإسم إلى صيغة التفضيل. أرادوا أن يقولوا أن Eloah أكثر ألوهية من بقية الآلهة. كان الحل أمامهم هو تحويل المفرد إلى الجمع، و الجمع في العبرية يتم بإضافة im في نهاية الكلمة. تم تغيير كلمة Elaoh إلى Eloahim لتفضيلها على بقية الآلهة. و قد تطرق الكثير من اللغويين إلى هذه النقطة، مركزين على أن Eloahim هي صيغة جمع، و لكنها تعامل دائما على أنها مفرد، و في هذا دليل على أن المقصود ليس الجمع بل صيغة التفضيل. و يشبه ذلك في الإنجليزية تحويل كلمة god إلى godder و في العربية تحويل كلمة "إله" إلى "أأله" أو "آله" و معناها "أكثر ألوهية." كانت هذه هي طريقتهم ليقولوا أنها أكثر ألوهية من بقية الآلهة، مثلما يكرر المسلمون أن الله أكبر. إذا كلمة Eloahim في العبرية هي "أأله" في العربية. و قد يكون هذا هو أصل كلمة "الله" حيث يثقل قول "أأله" و يمكن أن تتحور بسهولة مع الزمن إلى "الله." قلنا أن هناك طريقتين لنقل الكلمة إلى العربية، أما بفهم معناها و بذلك تصبح  Eloahim  "أأله" أو بنقلها كما هي فتصبح "إلوهيم"، و بعد تعريبها قليلا تصبح "الّلهُمّ" و هي أيضا شائعة في العربية، خصوصا في مستهل الدعاء، و كأن الداعي يستفتح كلامه بالإعتراف أن Eloah  هي الإله الأعلى.

في اللغة الأرامية، وهي لغة ياشوا بن يوسف (النبي عيسى) فإن كلمة الله هي Aalah. و هي تُقرأ آلَه أو أألَه. و لو أبقيتَ اللفظ كما هو في العربية، فسيكون معناها "أكثر ألوهية" و هو مطابق لمعنى Eloahim.

على الأرجح لم يكن النبي مطلع على الخلفية التاريخية لتعبير " الله"، إذ ليس من المعقول ان يكون الله انثى وهو الذي اساءه ان تطلق عليه اسماء الانثى واعتبرها قسمة ضيزي، إضافة الى انه ينفي ان يكون له " صاحبة"، وكأنه من المفروغ منه انه ذكر. غير ان كل الدلائل تشير الى ان "الله" كان زوجة إيل، الإله الأعلى لكثير من الديانات القديمة، والتراث الاسلامي قد دمج الله وإيل في إله واحد، فالكثير من الكتب الاسلامية القديمة تذكر بوضوح ان " إيل" هو اسم من اسماء الله، الامر الذي يبرر وجود اسماء الملائكة في نهايتها " إيل"، مثل جبرائيل واسرائيل.

من الضروري الاشارة الى بعض الملاحظات. بالنسبة لكلمة شداي المذكورة في التوراة مع ايل لستة مرات يقدم لها البعض عدة تفسيرات احداها انها تركيب שֶׁ-דַּי شي بمعنى الذي و داي بمعنى الكافي اي الله الذي يكفي وهناك من فسرها من الجذر  ש.ד.ד ش دد بمعنى صاحب القوة ولكن تفسير شداي على انها اثداء هو السائد وتردد كثيرا في النصوص العبرية بهذا المعنى، والمقصود ان ايل هو المسؤول عن استمرارية الانتاجية وتامين استمرارية الحياة. ومثل هذا المعنى ليس غريبا عن المنطقة إذ نجده في الديانة المصرية القديمة ايضا.

في بعض المراجع الموجودة روابطها ادناه نجد التالي:" إن الأصل اللغوي لـ الإله العظيم (El Shaddai) هو موضوع ممتع و شيق. الإله (El) يعني "الواحد القوي" أنظر ملاحظة سكوفيلد : "Gen 1:1". كلمة Shaddai مكونة من الكلمة العبرية "shad"، الثدي، و قد وردت في النصوص دائما بمعنى ثدي امرأة، مثلا Gen 49:25 Job 3:12 Ps 22:9 Song 1:13 4:5 Song 7:3,7,8 8:1,8,10 Isa 28:9 Ezek 16:7 . إذا معنى Shaddai  الأساسي هو "الثدي." الإله (الله) هو "Shaddai" لأنه هي المغذي، معطي القوة، و هكذا، بمعنى ثانوي، المشبع، الذي ينساب بذاته في حياة المؤمنين.

"الكلمة العبرية shaddai يأتي جذرها من كلمة ثدي. الترجمة الحرفية لها هي "ذو الأثداء." كلمة El Shaddai تظهر في التوراة 48 مرة. الكلمة "El Shaddai" لها عدة معاني، أحدها الجبار(أو العظيم). الكثير من الترجمات تختار "الجبار" على اعتباره المعنى الأساسي لكلمة El Shaddai. و القيام بهذا يهمل المعاني الأخرى لـ El Shaddai و أحدها هو "ذو الأثداء."


إن موضوع التأرجح بين التأنيث والتذكير للاله اليهودي امر لا يخفى على احد، حتى في صلوات اليهود اليوم نجد انهم احيانا يخاطبوته بصيغة التذكير واحيانا اخرى بصيغة التانيث مثلا يقولون מודים אנחנו לך شاكرون نحن لك (بصيغة التأنيث) ويقولون ברוך אתה ה' אלוקינו مبارك انت يالله ربنا (بصيغة المذكر)وذلك لان التوراة تقول خلق الانسان ذكر وانثى على صورته ففيه تصوير الذكر والانثى ولقد راى النبي حزقئيل الله بصدر (ثدي) جالس على كرسي

ان القول في الحديث عن الجمع هو للتفضيل يجد بعض المخالفين إذ في اليهودية يقولون مثلا אלוהים אדירים الوهيم العظيم بصيغة الجمع الوهيم العظماء(الوهيم اديريم )كما تتحدث التوراة عن الوهيم بصيغة الجمع في عدة اماكن مثلا في التكوين اصحاح 35 نقرا  וַיִּבֶן שָׁם, מִזְבֵּחַ, וַיִּקְרָא לַמָּקוֹם, אֵל בֵּית-אֵל:  כִּי שָׁם, נִגְלוּ אֵלָיו הָאֱלֹהִים, בְּבָרְחוֹ, מִפְּנֵי אָחִיו ويبني هناك مذبح ويسمي المكان ايل بيت -ايل لان هناك (انجلوا او انكشفوا بصيغة الجمع)ايلوهيم له عندما هرب من أخاه وهناك من يقول ان صيغة الجمع للاحترام، غير انه من الصحيح ايضا ان التفسيرات المتأخرة تأتي في صيغة عادات اليوم وقابلة للتأويل

ان كون اليهودية هي ديانة انتقالية من تعدد الاله الى إله واحد، تحت تأثير حركة اخناتون، ادى الى الخلط بين الجمع وتشكيله على صيغة الآله المؤنثة والمذكرة، تحت ضرورة استخدام اسماء الالهة القديمة المؤنثة التي ورثها الدين الجديد عن الاديان الوثنية السابقة.