العلاقة بين الذكاء والبيئة المتخلفة



تجربة
نعلم ان الجينات ليست هي التي تقف خلف الاختلاف في مستويات الذكاء بين الجنسين، إذ في العالم الغربي اصبحت النساء تنافس الرجال بما فيه في مجالات كانت تعتبر من اختصاص الرجل، مثل الرياضيات. غير اننا نعلم، ايضا، انه تسود اعتقادات عن وجود اختلافات كبيرة في مستوى الذكاء بين الرجل والمرأة في المجتمعات عامة والمتخلفة على الخصوص. بل ولدينا اعتقادات حتى عن اختلاف في مستوى الذكاء بين المجتمعات الاثنية او بين الاثنيات، إضافة الى وجود فروقات بين الافراد داخل المجتمع الواحد وحتى العائلة الواحدة. كل ذلك يعطي الارضية للاعتقاد بوجود عوامل جينية واخرى غير جينية تعمل على خلق هذه الفروقات، فماهو دور هذه العوامل في الواقع؟

ماهو الذكاء؟

ومع علمنا ان بعض الناس اكثر ذكاء من البعض الاخر إلا انه من الصعب تعريف الذكاء او فهمه. دماغ الانسان يملك قادرات متميزة على ابداع المعرفة الجديدة من خلال الاستنتاج واستخدام هذه المعرفة لحل المعضلات والتفكير التجريدي والتعبير عن الافكار بالكلمات. الالية التي يتمكن فيها الدماغ من تحقيق هذه الفعالية بقيت لفترة طويلة في طي الكتمان عن العلماء، وفقط الان بدؤا يفهمون ماذا تعني على العموم واين تقطن في الدماغ.

بفضل وسائل تصوير اشعاعي متقدم تمكن العلماء، في السنوات الاخيرة، من كشف المراكز التي تنشط في الدماغ عندما يقوم المشاركين بالاختبار من حل معضلات معينة. هذه الطريقة القت الضوء على آلية عمل الدماغ ووظائفها ولكنها لم تعطينا فكرة عن معنى الذكاء.

غير انه من الواضح ان هناك فرق كبير بين الذكاء وبين الحكمة. بتعبير الحكمة نقصد ان الخبرة والمقدرات التي نملكها جاهزة ونختار وقت استخدامها، في حين ان الذكاء هي القدرة على تحصيل المعرفة واستخدامها بفعالية. الذكاء العالي يعني وجود ارضية جيدة ليكون المرء حكيم او عاقل، ولكن ليصبح كذلك لابد له ان يتعلم شئ من خلال الدراسة او الخبرة العملية. على العموم يصبح المرء اعقل او اكثر حكمة من قراءة كتاب ولكنه لايصبح اذكى.

من الصعب دراسة القدرات الذهنية.
الذكاء لايمس فقط تحصيل القدرات المعرفية في مجال مثلا، اللغة والذاكرة والقدرة على حل المعضلات وانما ايضا القدرة على استغلال جميع مُقدرات الدماغ بطريقة متتداخلة منظومية.
يمكن تصوير ذلك برجل، وبغض النظر عن كفائة دماغه في حل المقدرات الاخرى، لايستطيع انجاز امتحان إذا لم يكن قد فهم المسألة او لم يتذكر المعادلة او لم ينجح في اختيار المعادلة المناسبة لحل المسألة المطروحة.

بالذات بسبب ان الذكاء يعني استخدام كامل الدماغ يصبح من الصعب دراسة المعضلة، وهذا هو التحدي الكبير الاول الذي نقف امامه في قدرتنا على قياس الذكاء، لنتمكن من المقارنة بين الذكي والاقل ذكاء.

مع الزمن تمكن البسيكولوجيين من تطوير حزمة من طرق الاختبار تحاول قياس كوتا الذكاء intelligenskvot, or IQ. المشترك بين هذه الاختبارات ان النتائج تعطى على شكل قيمة، مهيئة بحين ان مجموعة كبيرة من المشاركين يحصلون على قيمة وسطية 100. وغالبية انواع الاختبارات مبنية على مهمات مختلفة، ولهذا السبب فإن مفهوم IQ جرى نقده غالبا، لاعطائه وزنا كبيرا لبعض المقدرات، والتي ليست بالضرورة احسن او تقدم اية افضلية اكثر من غيرها. بذلك يخاطر المرء ليس فقط في ان قيمة IQ لفرد معين قد تعكس صورة خاطئة وإنما ايضا ان جنس معين او شعب معين قد يظهر ذكي بشكل خاص، إذ ان مهمات الاختبار جرى ربطها بمؤهلات خاصة، تملك المجموعة المعنية فرص اكبر لانجازها. بمعنى اخر الفنان سيظهر اكثر ذكاء من استاذ الرياضيات إذا كان الاختبار صمم بحيث مهماته تتضمن الكثير من الاعمال الابداعية.

لهذا السبب ينظر البعض الى امتحان IQ بالشك والامتعاض غير ان البسيكولوجي البريطاني Charles Spearman, اشار منذ عام 1923 الى ان الامتحان ليس مضيعة للوقت. لقد تحقق من انه إذا شخص حصل على علامة عالية في نوع من اختبارات الذكاء، فالاحتمال كبير انه سيحصل على علامة عالية في اختبارات اخرى حتى لو كانت مصممة لمؤهلات اخرى.

على هذه الخلفية طرح سبيرمان مصطلح " الذكاء العام" ويرمز له بالحرف g على اساس انه قيمة القابلية على استغلال جميع القدرات التي يملكها المعني. إذا قام مرء بالخوض في اختبار ذكاء فإن جزء من النتائج تتعلق بالمؤهلات الخاصة على تناول المشكلة للوصول للحل في حين ان البقية يرتبط بالذكاء العام.

تقريبا جميع خصائص الانسان تشارك في خلق الذكاء الخاص للفرد في انسجام متوازن بين الجينات والبيئة. في دراسة من عام 2009 قام فريق بحث على رأسه البسيكولوجي Robert Plomin, من كينج كاليدج في لندن بقياس الذكاء لدى 8791 توأم على مدى كل طفولتهم. في الفترة المبكرة للتوأم من بيضة واحدة كان الذكاء بينهم متساوي. وحتى إذا كانت الاختلافات بينهم تتزايد مع السنوات، الا انه في السنة العاشرة من اعمارهم ، كان الاختلاف بينهم ليس كبيرا. على العكس، وجد ان الذكاء بين التوأم من بيضتين مختلفتين منذ البداية كبير ومع السنوات اصبح اكبر. ذلك يشير الى ان الجينات تلعب دورا في مستوى الذكاء وان هذا الدور يصبح اكبر مع النمو.

العديد من الدراسات تشير الى ان الذكاء العام المتعلق بالجينات، كبير نسبيا، ويصل الى حوالي 50-75%، ولكن العلاقة معقدة. إذا كان طفل مهيأ جينيا ليكون ذكي ولكنه ينمو في بيئة لاتقوم بتحفيز قابلياته الكامنة او لاتقدم مايلزم لذلك، فإنه على الاغلب سيحصل على معدلات منخفضة في اختبارات الذكاء. جميع الاطفال في بيئة من هذا النوع سيحصلون على معدلات منخفضة بغض النظر عن مؤهلاتهم الجينية. لذلك لن يكون للجينات تأثير على الذكاء في مثل هذه الحالات.

البيئة قادرة على تطوير الذكاء
في بيئة تستخدم تحفيز القدرات الكامنة، مثل الالعاب والموسيقى والرقص والغناء والتمثيل، بحيث تملك الاطفال المقدمات الضرورية لتنمية قواها الذهنية، تسمح بخلق فرصة الاستفادة من مخزونهم الجيني، وعندها ستقف الجينات خلف جزء كبير من الذكاء.

ودراسة التوأم التي جرى الاشارة اليها سابقا، تدل على انهم مزودين بجينات جيدة ولكن الاطفال الذين يتلقون تحفيز غير كافي لمختلف الاسباب، مع الزمن سيطبعون البيئة بطابعهم وينطبعون بها، وعندها الجينات يمكن ان تجد مساحة تعبر فيها عن نفسها تحت الحماية الاجتماعية والحقوقية للطفل. بهذا التواتر يصبح الاطفال اكثر ذكاء مع السنوات مع بقاء الاختلافات الفردية، ويتحسن متوسط الذكاء على العموم للبيئة المعنية.

بمساعدة فريق دولي ابحاث يحاول روبيرت بلومين تحديد الجينات التي تشارك في تكوين ذكائنا. بمساعدة تكنيك يسمى DNA-microarrays, يقوم المختصين بمقارنة التشابه في الحمض النووي عند عدد كبير من الاذكياء والنتائج تقارن مع الحمض النووي للبقية. من خلال مقارنة النتائج بين الاعلى ذكاء والاخفض ذكاء يمكن تحديد الجينات الاكثر تمايزا عند المجموعتين.

Davis Oliver, الذي يترأس الدراسة اشار الى انه لايوجد جين للذكاء. حتى الان تمكن الباحثون من العثور على آلاف الجينات التي ، مع بعضها، لها تأثير على الذكاء، ولكن كل منها على حدى يفسر اقل من 1% من ذكاء الانسان. بمعنى آخر تأثير هذه الجينات على الذكاء هو محصلة خلاصة التأثيرات. هذا الاكتشاف يؤكد نظرية " الذكاء العام"، التي قدمها روبيرت بلومين وصاغتها جوليا كوفاس عام 2005. Yulia Kovas. حسب هذه النظرية كل واحدة من مؤهلاتنا الناضجة، مثلا الذاكرة والقدرة على التصور التجريدي، محصلة العديد من الجينات وكل واحدة من هذه الجينات تتحكم ايضا بالعديد من القوى العقلية.

وكقاعدة عامة لاتوجد جينات تقدم قدرات ذكاء خاصة ، ولكن جينات على العموم تعطي قدرات ذكاء اعلى. يعتقد روبيرت بلومين ان بعض الجينات تساهم في زيادة الذكاء من خلال تحسين الوظائف الاساسية للدماغ. مثلا احد الجينات يمكن ان يجعل الطبقة العازلة للنواقل العصبية، المؤلفة من البروتين ميلين، اكثر ثخانة، بحيث تتمكن الخلايا العصبية من ارسال الاشارة العصبية بسرعة اكبر او ان الجينات تحسن قدرة الخلايا العصبية على بناء قنوات جديدة مع الخلايا العصبية الاخرى وبذلك تساهم في بناء شبكة اكثر تعقيدا.

الحلول البسيظة هي الذكية
نظرية الجينات العامة تتطابق مع نظرية الذكاء العام والتي تشير الى ان الشخص الذي يحصل على مستوى عال في احدى اختبارات الذكاء يتمكن ايضا من اجتياز غالبية الاختبارات الاخرى ايضا، كقاعدة عامة. بذلك يبدو ان المرء يمكن ان يكون، كقاعدة ، ذكي بمستوى من المستويات، وانه، بشكل عام، يستطيع استغلال ذكائه ليتخصص في ساحة معينة ، مثلا الرياضيات او الموسيقى او اللغة.

النظرية تشير ايضا الى ان ذكاء الفرد ليس محصور بمنطقة معينة او مركز محدد في الدماغ ، وانما مناطق دماغية متعددة تتعاون على حل المعضلة المطروحة. ومنذ تسعينات القرن الماضي نعلم ان الدماغ قادر حل معضلة معينة بعدة طرق. احد الاختبارات اظهر ان الدماغ عند الاذكياء يستغل موارده بطريقة افضل ويحل المشكل بأبسط الطرق، في حين ان دماغ الاقل ذكاء يشبك الامور ويجتاز الطرق الاطول قبل ان يصل الى الحل الصحيح.

هذه النظرية برهن عليها عالم الاعصاب الامريكي Richard Haier, عندما اثبت ان الدماغ يستخدم طاقة اقل لحل المعضلات إذا حصل على فرصة التمرن عليها. بذلك اكد على ان طريقة الدماغ لحل المعضلات ترتبط ارتباطا وثيقا بمستوى الذكاء العام. والاختلافات ليست فقط فردية، إذ في عام 1995 استطاع ريتشارد هايفير ان يُثبت ان حتى الرجال والنساء يستخدمون الدماغ بطرق مختلفة. الاختبار اظهر انه وعلى الرغم من ان اشخاص التجربة، والى حد كبير، يستخدمون اجزاء مختلفة من الدماغ بنفس القدر، عند محاولتهم حل معضلة رياضية، كان هناك اسثناء فيما يخص اللحاء الدماغي لمنطقة الفص الصدغي. في تلك المنطقة كان استهلاك الطاقة لدى الخلايا العصبية ونشاطها تزاد كلما كان الحل افضل، مما يعني ان هذه المنطقة تشارك في مسؤولية معالجة القضايا الرياضية. غير ان الذي اثار الدهشة ان هذا الترابط امكن ملاحظته فقط عند الرجال في حين لم يكن هناك اي اختلاف في استهلاك الطاقة في الفص الصدغي لدى النساء الذين نجحوا بحل المعضلة بشكل جيد او حتى لدى النساء الذين حلوها بشكل متوسط.

بذلك امكن البرهنة على ان أعضاء الجنسين لايستخدمان دماغهما بالطريقة نفسها لحل المعضلات الرياضية. لاحقا تمكن المزيد من الباحثون من عرض كيف ان الاختلاف بين الجنسين في باقة من القدرات الذهنية تعود اسبابها الى الطرق المختلفة لعمل الدماغ، على اساس التقسيم الجنسي، والى بنية الدماغ نفسها. هذا الامر جرى دراسته بواسطة التصوير بتكنيك MRI, الذي يختلف عن طريقة PET من حيث ان هذا التكنيك لايسجل نشاط الخلايا العصبية وانما بنيتها. لذلك يمكن وصف بنية المادة البيضاء والمادة الرمادية بكل تفصيل.

إذا قارنا الدماغ بالكمبيوتر يمكن اعتبار المادة الرمادية تعادل البروسيس الذي يقوم بإجراء كافة الحسابات في الكمبيوتر، في حين ان المادة البيضاء هي الهورد ديسك والبوس الذي يهتم بتنظيم حركة المعلومات الى البروسيس وبقية وحدات الكمبيوتر. وكما ان الكمبيوتر لايستطع استخدام بروسيس شديد السرعة بفعالية عالية إذا كان الهورد ديسك بطيئ للغاية ، فإن الدماغ الجيد يعتمد على ان مادتيه البيضاء والرمادية ناضجين تماما ويناسبون بعضهم البعض.

تجربة
Lateral surface of the brain with
Brodmann's areas numbered.
من اجل التعرف على المراكز الدماغية الرئيسية التي بشغلها الذكاء قام الباحثان Richard Haier & Rex Jung, من جامعة نيومكسيكو بالتحقيق في 37 دراسة جرت في الفترة مابين 1988-2007. الهدف كان البحث عن المناطق التي اظهرت هذه الدراسات ان لها علاقة بالذكاء. في عام 2007 نشروا نتائج ابحاثهم والتي تشير الى انهم لم يعثروا على منطقة واحدة تملك السيطرة الحاسمة على الذكاء ولكنهم عثروا على 14 منطقة من المادة الرمادية منتشرة على طول الدماغ وتملك سيطرة واضحة على ذكاء اشخاص التجارب. جميع هذه المناطق معروفة سابقا للاختصاصيين بالدماغ وتسمى مناطق Brodmann'sareas. الاسم مقتبس من اسم عالم الاعصاب الالماني Korbinian Brodmann, والذي اكتشف 52 منطقة في اللحاء الدماغي قبل 100 عام، حيث الخلايا العصبية منظمة بطرية مختلفة عن الخلايا المحيطة بهم من المادة الرمادية. برودمان درس فقط بنية المناطق ولكن لاحقا جرى إكتشاف ان الكثير من هذه المناطق مرتبطة بوظائف متخصصة للغاية.

هذه المناطق التي جرى تحديدها تملك وظائف في تشديد الانتباه والذاكرة واللغة وترجمة المشاعر. على هذه الخلفية تطابقت نظرية P-FIT مع نظرية الذكاء العام. ونظرية P-FIT حصلت على اسمها من خلال التفاعل بين الفص الصدغي والفص التاجي (Parieto-Frontal Integration Theory), والتي تقول ان اصل الذكاء يبدأ بتيار معلوماتي قادم من اقصى مؤخرة الدماغ وينتهي في مقدمة نصفي الدماغ.

حسب نظرية P-FIT تترابط المناطق الاربعة عشرة من مناطق برودمان بواسطة المادة البيضاء لتشكل شبكة ارتباط، تلعب دورا مركزيا في الذكاء. ولا واحدة من المناطق على حدى، لا في المنطقة البيضاء ولا في المنطقة الرمادية، تملك دور خاص هام، وانما جميعا اجزاء لاغنى عنها في الشبكة. إذا كانت بعض المناطق متطورة بشكل خاص يمكن للفاعلية المتصلة بهم بالذات ان تجري بسرعة ، ولكن غالبا تكون هناك نقاط اختناق في مناطق اخرى من الشبكة. جميع المناطق يجب ان تكون متطورة بمستويات نموذجية للوصول الى اعلى مستويات الذكاء العام. غير ان تحسين طفيف في بعض الاماكن تقوي قدرات الفرد في مجالات محددة ، مثلا اللغة.

عام 2010 قام الباحث Jan Gläscher, بتجربة نظرية P-FIT بطريقة اخرى. جميع اشخاص التجربة كانوا مصابين بأضرار في الدماغ تعرقل قواهم العقلية، ولكون الباحث يعلم اي منطقة من مناطق الدماغ متضررة عند كل فرد منهم، استطاع مقارنة الوظيفة الخاطئة للمنطقة المتضررة مع الذكاء العام. النتائج دعمت النظرية إذ ان الاضرار في منطقة من المادة البيضاء ، التي تربط الفص التاجي والصدغي في النصف الايسر من الدماغ، اثرت على الذكاء العام سلبيا.

في التجربة استخدم الباحث مجموعة من اختبارات الذكاء، تستطيع قياس كلا من الذكاء العام لشخص التجربة وبعض القدرات الذهنية ، مثلا الفهم اللغوي وفهم الامتدادات المكانية، بمساعدة الطرق الاحصائية استطاع الوصول الى اي من هذه القدرات تشارك مشاركة مباشرة في الذكاء العام وايهما اعطت المشارك في الاختبار إمكانيات اكبر في مناطق خاصة. كان من المتوقع ان المناطق التي تملك ارتباط مباشر الى الذكاء العام ستكون جزء من المناطق الاكثر اختصاص ، ولكن التحقيق ادى الى نتائج مفاجآة. لقد ظهر ان المنطقة رقم 10 من مناطق بوردمان في جبهة النصف الايسر من الدماغ لعبت دورا رئيسيا في الذكاء العام ولكنها لم تكن مرتبطة بأي قدرات ذهنية خاصة.

منطقة برودمان رقم 10 موقعها مركزي في الطريق الرئيسي من المادة البيضاء والتي ظهر انها تملك اهمية حيوية للغاية للذكاء العام. من تجارب سابقا نعلم ان المنطقة تشارك في قدرات التفكير التجريدي، الامر الذي يشير الى الاهمية الحيوية لهذه المنطقة الصغيرة. ويقول الباحث ان المنطقة تعمل كمركز سيطرة يتحكم بنوع المعلومات التي سترسلها او تستقبلها الذاكرة المؤقتة ، بحيث ان المعلومات تصبح في متناول اليد للمعالجة في الدماغ.

" الذاكرة المؤقتة تملك مساحة خزن محدودة ، ولذلك يجب على الدوام إعادة تحديثها. هذا الامر يتطلب آلية تحكم قادر على اختيار المحتوى الذي يجب مسحه وارسال الامر بذلك. نحن نعتقد ان المنطقة 10 تملك دورا خاصا في التحكم بهذه المهمة الضرورية للحياة اليومية".

افضل الطرق لتحسين الذكاء
ان نصف الذكاء يعتمد على الجينات ولكن بغير تحفيز لن يكون لهذا النصف قيمة كبيرة. افضل طرق تحفيز الذكاء هو تدريب الذاكرة، لذلك يكون الغناء وتعلم الموسيقى واللغات الاجنبية افضل الطرق للاطفال والكبار على السواء. ويجب على الدوام التدرب على التذكر والتصور. والافضل حل المعضلات او المسائل الرياضية وليس الاكتفاء بالقراءة النظرية. وعلى المدى الطويل يجب الاهتمام بالغذاء الغني بالفيتامينات والمواد الغذائية وعلى الاخص المكسرات وزيت السمك والجزر.

حتى الان كانت اكثر الوسائل فعالية في دراسة معنى الذكاء وموقعه في الدماغ تقوم على تحليل الروابط بين التصوير الدماغي والاختبارات الذهنية. العمل للوصول الى جينات الذكاء تحظى بتقدم ايضا ويأمل الباحثون ان يتمكنوا قريبا من تحديد اهم الجينات ودورهم في عملية التحكم بقدراتنا الذهنية. لربما في المستقبل سنستطيع، من خلال تصوير اشعاعي وتحليل الحمض النووي، ان نحسم مستوى الذكاء لدى الفرد المعني. غير ان الاهم ان نعلم العوامل التي تتحكم بالذكاء وكيف نستطيع ادارتها في تنشئة جيل قادر على منافسة العالم بأسره.

الذكاء عند الحيوان
وعلى الرغم من ان الانسان هو الحيوان الوحيد القاادر على اشعال النار التواصل كتابة والقدرة على استخدام الخرائط وحل المعضلات الرياضية الا ان دماغنا لايختلف كثيرا عن دماغ القرود او بقية الحيوانات الثديية. الاختلاف الاكبر اننا نملك خلايا عصبية اكثر في تلافيف القشرة الدماغية وان خلايانا العصبية محاطة بطبقة سميكة عازلة، بحيث ان الاشارات العصبية تتمكن من الوصول اسرع. غالبية العلماء يعتقدون ان تفوق ذكاء الانسان لايختلف عن الحيوان لاسباب اساسية، وانما طورنا الذكاء الى مستويات جديدة. الكثير من الحيوانات تُبرز مزايا من الذكاء من خلال استخدام الادوات والتواصل مع بعضها والتعاون او تبدي التضامن والحزن على افراد اخرى من نوعها، في حين يقوم الانسان بفعل ذلك بمستويات اعلى. ولكن من الصعب قياس ذكاء الحيوان لانهم لايقولون لنا افكارهم. لهذا السبب يمكن للاختصاصيين وضع لائحة، مبدئية، عن ذكاء الحيوان انطلاقا من بعض المظاهر.

الرئيسيات، مثلا الشمبانزي، يعتبر ذكائه في مستوى ذكاء طفل بعمر ثلاث سنوات، إذ انه قادر على التعبير عن نفسه بالكلمات والصوت والاشارة وتعبيرات الوجه. ويستطيع ان يخدع ان يؤثر على الاخرين من اجل الحصول على امتيازات كما انه يفهم الاحجام والتسلسل في الاعداد.

الثدييات البحرية، مثل الدلافين، تستطيع تعلم الكثير من الحركات المتطورة وقادرة على تنسيق حركاتها مع بقية الدلافين وحتى ان تعلمهم للاخرين. وايضا قادرين على تعلم التعبير عن انفسهم بلغات مصطنعة بسيطة.

الثدييات، مثل الفيل، قادرة على القيام بعمليات جمع بسيطة. مثلا إذا وضعنا ثلاثة تفاحات تتبعها تفاحتين في اسفل السلة حيث الفيل لايستطيع رؤيتها وبعد ذلك نضع تفاحتين في كل سلة، فإن الفيل سيختار السلة التي تحتوي على سبعة تفاحات.

الطيور، مثلا الغراب الاسود، يستخدم العديد من الادوات للوصول الى الطعام. مثلا يلقي الجوز على طرق السيارات حتى تمر عليها السيارة وتحطمها.

اللافقاريات، مثلا اخطبوط جوزة الهند، يحضر نصفي جوزة هند ويلصقهم ببعضهم ليختبئ في جوفهم عند اقتراب الخطر.

السمك، مثلا السمكة المنظفة، نجدها تقوم بجهود اضافية عندما تكون هناك اسماك اخرى تراقب عملها. بذلك تعمل جاهدة على اثارة الاستحسان للحصول على زبون جديد.